للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ ـ قضية الخلق: في الكتب السابقة لا نجد لها تفسيرًا شافيًا ولا صورًا توضيحية فكل ما هنالك إشارات مجملة كهذه الجملة "وقال الله ليكن نور فكان نور" (١) على حين نجد القرآن الكريم يولي هذه القضية اهتمامًا كبيرًا، ويقدم بشأنه العديد من التفاصيل والتوضيحات التي تزيل أي لبس أو غموض بشأنها، ويتدرج القرآن الكريم في ذلك ـ شأنه في كل الأحوال ـ فيبدأ بالحديث عن وحدة مادة الكون الأولى في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (٢) .

ثم يحدثنا عن الحالة البدائية لتلك المادة في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (٣) .

ثم ينتهي إلى الظاهرة الحيوية في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (٤) .

وهناك آيات كثيرة تكمل هذه اللوحة النموذجية لصورة التكوين في القرآن. (٥) .

٤ ـ قضية الأخلاق: تقوم في الكتب السابقة على أساس سلبي، فهي تأمر الناس بالكف عن فعل الشر في حالة , وبعدم مقاومة الشر في حالة أخرى، أما القرآن الكريم فيأتي بمبدأ إيجابي أساسي وهو لزوم ووجوب مقاومة الشر، فهو يخاطب معتنقيه بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (٦) .

في حين يعيب على الآخرين وينكر عليهم أنهم كانوا يسكتون عن المنكر: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (٧) .

كما أن القرآن الكريم يحترم منافع الآخرين بإزاء المنفعة الشخصية، كما يقيم الأخلاق على أساس من فكرة الجزاء والثواب، فيقيم القرآن الكريم بناءه الخلقي على أساس القيمة الخلقية للفرد، وعلى العاقبة الدنيوية للجماعة (٨) .


(١) سفر التكوين، الإصحاح الأول، فقرة ٤
(٢) سورة الأنبياء: الآية ٣٠
(٣) سورة فصلت: الآية ١١
(٤) سورة الأنبياء: الآية ٣٠
(٥) الظاهرة القرآنية: ص ٢٤٦
(٦) سورة آل عمران: الآية ١١٠
(٧) سورة المائدة: الآية ٧٩
(٨) الظاهرة القرآنية: ص ٢٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>