للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هـ) وإذا كان مقتبسًا من كتبهم كما يزعمون , فلماذا كفروا به وكذبوه؟ ألم يخبرهم الله تعالى في كتبهم أنه سيرسل محمدًا وينزل عليه قرآنًا وعليهم أن يؤمنوا به؟ إن كفرهم بالقرآن والرسول وتكذيبهم لهما دليل قاطع على أنه شيء آخر غير التوراة والإنجيل، كما أن هذا الكفر بالقرآن والرسول كفر بالتوراة والإنجيل، قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) .

وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٢) .

(و) أن القرآن الكريم نفسه أكد أن بينه وبين الكتب السابقة تشابهًا وصلة ولكن على طريقته الخاصة وبأسلوبه الفرد الذي يصدق ما بقي صحيحًا في الكتب السماوية السابقة، ويصحح ما أصابه التحريف فيها، ويفصل الأحكام الكلية ويبين الأحكام الفرعية بما لم يسبق إليه، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٣) .

يقول الأستاذ مالك بن نبي: "إن القرآن يؤكد مستعلنًا صلته بالكتاب المقدس، فهو يطلب دائمًا مكانه في الدورة التوحيدية، وهو بهذا وذاك يثبت باعتداد التشابه بينه وبين التوراة والإنجيل وهو يؤكد هذه القرابة صراحة، ويلفت إليها النبي نفسه كلما وجدت مناسبة" (٤) .


(١) سورة البقرة: الآيات ٨٩ ـ ٩١
(٢) سورة البقرة: الآية ١٠١
(٣) سورة يونس: الآية ٣٧
(٤) الظاهرة القرآنية: ص ٢٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>