للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ وقالوا: إن القرآن مقتبس من التوراة والإنجيل، اقتبسه محمد، فأكثر القضايا الشرعية فيه مقتبسة من كتاب التوراة، وجميع القصص فيه ما عدا قصتي صالح وهود مقتبس من التوراة، فإذا نسخنا من القرآن كل ما هو مقتبس من التوراة من الشرائع والسير لا يبقى فيه إلا ما لا يستحق الذكر، واستشهد بعضهم على ذلك بمثل ما ورد في القرآن الكريم من قصص الأنبياء والوصايا كالتي في سورة الأنعام والتي في سورة الإسراء (١) . فمثلها موجودة في التوراة، وأكدوا ذلك بأن القرآن اعترف بهذا في قوله: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ} (٢) .

ومن القائلين بذلك الخوري الحداد، وقد عرض الأستاذ محمد عزة دروزة أقواله التي منها: "إن الدعوة المحمدية كانت في العهد المكي كتابية إنجيلية توراتية مسيحية يهودية، وإن القرآن نسخة عربية من الكتب السماوية السابقة المنزلة على الأنبياء السابقين ومقتبس منها، وإنه كتاب توراتي إنجيلي يهودي نصراني في موضوعه ومصادره وقصصه وجدله ... " (٣) .

ولم يكتفوا بنسبة الاقتباس هذه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل أضافوا عليها كذبًا آخر حيث نسبوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في اقتباسه واتباع الهوى والنفس في النقل، يقول الدكتور البهي عنهم: "والإسلام الذي وضعه محمد تأثر فيه بالتعاليم الدينية السابقة عن تعاليم اليهودية والمسيحية، وبالأخص مسيحية الكنيسة السريانية.. ثم إن محمدًا في اقتباسه من المسيحية حرف الفهم فيما اقتبسه؛ لأنه حكم نفسه ومنزلته وقيمته الإنسانية في فهمها، فقد أنكر ألوهية المسيح متأثرًا بنفسه كإنسان، ولم يرق هو في تصور نفسه إلى منزلة عيسى حتى يتصور أنه إله كما كان عيسى" (٤) .


(١) آيات الأنعام: ١٥١ ـ ١٥٣، وآيات الإسراء من الآية: ٢٣ إلى الآية: ٣٩
(٢) سورة الشعراء: الآيتان ١٩٦ و ١٩٧
(٣) القرآن والمبشرون: ص ٩٤؛ الإسلام في مواجهة الاستشراق: ص ٥٩٣؛ ورد مفتريات ص ٩٣
(٤) الفكر الإسلامي الحديث: ص ١٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>