للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ ـ وقالوا: إن القرآن ليس معجزًا، ويمكن أن يحاكى ويؤتى بمثله؛ لأنه كلام بشر صيغ في أعلى وأرفع الأساليب العربية بلاغة وفصاحة (١) ومنهم من اعتبر الإعجاز في هذا المجال فقط ـ مجال الفصاحة والبلاغة والنظم ـ وذلك يرجع إلى عبقرية محمد لا إلى أن القرآن معجز في ذاته، يقول الخوري الحداد: "إن المسلمين يلتمسون اليوم للقرآن الشمول من كل وجه، ويحاولون أن يجدوا فيه إعجازا إلهيًّا في العقيدة، وإعجازًا إلهيًّا في الشريعة، وإعجازًا إلهيًّا في الفلسفة، وإعجازًا إلهيًّا في العلم الحديث، وفاتهم جميعًا على أن تاريخ الإسلام يجهل مثل هذا التفكير ومثل هذه المحاولات وأن القدماء إنما جمعوا على أن إعجاز القرآن هو في نظمه"، ثم قام الخوري بعد ذلك بالطعن في نظم القرآن، ونقض رأي القدماء في إعجازه ليخلص من ذلك أن القرآن ليس معجزًا (٢) .

وهكذا يدعي الخوري كذبًا أن القدماء أجمعوا على أن الإعجاز القرآني في النظم فقط، ثم نقض ذلك كما أنكر ما يذكره المسلمون في الماضي والحاضر من تعدد جوانب الإعجاز في القرآن الكريم وعدم توقفها أو اقتصارها على النظم، وهو يرمي من وراء ذلك الكذب والإنكار أن ينتهي إلى أن القرآن ليس معجزًا.

٤ ـ وقالوا: إن القرآن قد حرف وبدل، واستدلوا لذلك بمثل قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٣) .

وقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٤) .

وادعوا أن جزءًا من القرآن قد ضاع من سورة الأحزاب كان مكتوبًا في ورقة فأكلها جدي، كما ذكر تيوثاوس أسماء سور لا أساس لها من كتاب الله وهي سور الخلع والحفد والنورين، وقد أخذ هذه الأسماء من أدعية قنوت (٥) رسول الله صلى الله عليه وسلم. (٦) ..


(١) الإسلام في مواجهة الاستشراق: ص ١٠
(٢) القرآن والمبشرون: ص ٣٢٨
(٣) سورة البقرة: الآية ١٠٦
(٤) سورة النحل: الآية ١٠١
(٥) كقوله صلى الله عليه وسلم: (نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد....)
(٦) رد مفتريات على الإسلام: ص ١٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>