للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج) ماذا يقول الغزاة عن القرآن الكريم؟

قال الغزاة عن القرآن الكريم كلامًا كثيرًا ـ وما زالوا يقولون ـ منه ما يتعلق بنزوله، ومنه ما يتعلق بموضوعاته، ومنه ما ينصب على إعجازه، ومنه ما يعود إلى معانيه وأحكامه، ومنه ما يتعلق باللغة، وبالعلم، وبالتاريخ، ومنه ما يتعلق بالتشريع والأخلاق، ومنه ما يتعلق بالنظم والنظريات، ومعنى هذا أنهم لم يتركوا سبيلًا إلى النيل من القرآن الكريم إلا سلكوه، ولم يجدوا وسيلة لتحقيق هدفهم إلا أخذوا بها وسعوا إليها، ونحن في هذه الفترة نعرض نماذج مختلفة ومتعددة من أقوالهم، ثم نقوم في الفصل الثالث إن شاء الله بتفنيدها واحدة واحدة.

١ ـ قالوا: إن القرآن ليس وحيًا من عند الله، ولكنه من عند محمد، فهو من نوادر الأعمال الإنسانية، وتأليف كتاب ما في نهاية البلاغة والفصاحة لا يعد معجزة (١) يقول موريس بوكاي ـ وهو يعقد موازنة بين الإنجيل والقرآن ـ: "ومرة أخرى تفرض الموضوعية أن نشير إلى ادعاء هؤلاء الذين يقولون ـ بدون أي أساس ـ إن محمدا مؤلف القرآن" (٢) .

ويقول المستشرق نيكلسون: "والقارئون للقرآن من الأوروبيين لا تعوزهم الدهشة من اضطراب مؤلفه ـ وهو محمد ـ وعدم تماسكه في معالجة المعضلات، وهو نفسه لم يكن على علم بهذه المتعارضات، كما لم تكن حجر عثرة في سبيل صحابته الذين نقل إيمانهم الساذج القرآن على أنه كلام الله" (٣) . وتقول الموسوعة الروسية (٤) : "كتب القرآن في زمن الخليفة الثالث عثمان (٦٤٤ ـ ٦٥٦) ونظر إليه المسلمون نظرة تقديس، ويبدو من الدراسات التي بين أيدينا أن القرآن ظل يتحور ويتطور حتى بداية القرن الثامن، على أن تحليل مواضيع القرآن قد دلت على أن بعض أجزائه ترجع إلى زمن محمد وبعضها الآخر لا بد من إرجاعها إلى أزمان متأخرة أو متقدمة".

وهكذا لم يكتف الغزاة بنسبة القرآن إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنما نسبوه إلى غيره، ممن لحقوا به أو سبقوه.


(١) الباكورة الشهية في الروايات الدينية لطائفة من المبشرين والمستشرقين: ص ١٨٣؛ والإسلام في مواجهة الاستشراق العالمي: ص ٥١١
(٢) الكتب المقدسة والمعارف الحديثة: ص ١٠٥؛ وانظر: رد مفتريات على الإسلام ص ٢٣٢
(٣) الصوفية في الإسلام. نيكلسون: ترجمة نور الدين شريبه: ص ٧ ـ ٨؛ انظر: الفكر الإسلامي الحديث: ص ١٦٨ وص ١٧٧ وما بعدها
(٤) الموسوعة الروسية: ٢٨/ ٩٦٤؛ انظر: كتابنا دراسات في الثقافة الإسلامية: ص ٢١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>