نريد أن نقول دائمًا ـ ومن حقنا أن نقول ـ: إن الإسلام أو نقول: لا إكراه في الدين، ومن حقنا أن نقول: إنما القتال هو لرفع البغي والظلم، ومن حقنا أن نتحدث عن الجهاد وأهدافه السامية، لكن ليس من حقنا أن نتحدث في خارج الأطر الثابتة الشرعية التي قررها علماء الإسلام.
القانون الدولي وتحقيق مقاصده العامة كما يراها الذين وضعوه مع الناحية الواقعية التطبيقية لا يحتاج إلى كثير من الكلام، ومقاصد القانون الدولي الوضعي ـ أيضًا ـ لا يحتاج إلى كثير من الكلام فقد صرح أحد الكبار وهو (جب) في كتابه: (وجهة الإسلام) فقال: المقصد من الغزو الفكري هو إبعاد سلطان الدين عن النفوس. والغزو الفكري قد اختلط بالقانون الدولي والقوانين الوضعية.
أما مقاصد الشريعة الإسلامية فهي معلومة لدى الجميع، لكن ما هو المدخل الصحيح لدراستها؟
دراسة منهج الفقهاء , وهو موضوع هذه الجلسة يحتاج أن ندخل له أولا بتحديد صحة النقل عنهم. الأمر الثاني: الاستقلال في الانطلاقة وعدم الالتزام أو الخضوع للواقع المرير. الأمر الثالث: ملاحظة مقاصد الإسلام جميعًا دون تفريق.
وفي هذه الأطر والثوابت نستطيع أن نتحدث ونخرج الصورة الصحيحة. من هذه الأطر ـ وأشير إليها بإيجاز.
أولا: لا ولاء بين الكفار والمسلمين ولا مودة، وهذه قضية أشار لها بعض الإخوان لكنها تختلط عند بعضهم في بعض البحوث فيخلطون المودة بما جاز في الشرع من البر والقسط والتعامل. والفرق بين المودة واضح وبين البر والقسط والتعامل. ولذلك أشار الأستاذ محمد الناصر إلى ملاحظة جيدة في هذا الباب وبينها وبين أنه لا مودة في نصوص الإسلام ولا يمكن أن تكون هناك ـ كما يقال ـ أمور نفسية أو شيء من المودة أو المودة كما تطلق في بعض الأحيان ولا يمكن أن يختلط هذا المصطلح بمصطلح البر والقسط والتعامل.
فالبر والقسط والتعامل مع الكفار شيء آخر غير المودة وغير الآمال المشتركة.
الأمر الثاني: الإطار الذي بنى عليه الصحابة والفقهاء والأئمة والتابعون ومن بعدهم من أئمة الإسلام أن الجهاد مع كل بر وفاجر خلافًا للقول بأن الجهاد إنما يكون مع العادل أو إنما يكون مع الإمام المعصوم.
الأمر الثالث: أن مقصد الجهاد كما ذكر أيضا الشيخ محمد الناصر في بحثه وهو كلام الفقهاء وإنما أشرنا إليه؛ لأنه نبه إلى ذلك، مقصد الجهاد هو إخضاع دور الكفار للإسلام، وقد يتعجب الناس من هذا القول ويقولون: تتكلم في أي واقع أنت؟! فنقول إن الإسلام تحدث عن عالميته وهو في شعاب مكة وتحدث عن قضاياه الأصلية الصحيحة دون تلبيس وكان ذلك أمرًا واضحًا ثم يستطيع المسلمون بمشيئة الله بما يبذلونه من جهد وصدق لتحقيق أصول الإسلام وشرائعه.