بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما تحدث به كثير من الإخوة الفضلاء كان حديثًا جيدًا، ولي تعليق على بعض البحوث لكنني لا أحدد منها شيئًا وإنما أذكر بعض المسائل التي تحتاج إلى تنبيه.
وهذا الموضوع تختلط كثير من أموره بموضوع الغزو الفكري، وذلك ما تحدث به سعادة الدكتور طه جابر العلواني هو في الحقيقة من صميم الموضوع لأن الغزوالفكري قد دخل إلى قضية العلاقات وأفسد جانبًا من التصور الإسلامي الصحيح في هذا الأمر. لعلنا ـ إن شاء الله ـ نخرج في هذه المرحلة الجديدة بالتعاون مع ما يسمى بالنظام العالمي الجديد على الأصول الثابتة العلمية ولذلك ستكون كلمتي مهتمة بالتقعيد الذي ذكره الفقهاء في هذا الباب، ولست أحجز نفسي في الواقع المعاصر فإننا إذا اجتمع أهل العلم والفكر فإنهم إنما يتحدثون عن ثوابت الإسلام وأصوله؛ لأننا نتحدث عن تصحيح مسار هذه الأمة، وأما الحالات الاستثنائية فهي موضع نظر وبحث ولكنها ليست هي الأصل, والحديث عن الحالات الاستثنائية لا يجيز لنا بحال من الأحوال أن نغفل الأصول التي هي الطريق الوحيد لتصحيح مسارنا. المرحلة السابقة وصل الكلام فيها في حرية الأديان ـ كما هو معلوم ـ وفي التقارب بينها وتمكن من ذلك الغزو الفكري حتى صرح كثير من المشتغلين بالدراسات الإسلامية، كما صرح جمال الدين الأفغاني بأن الأديان يكمل بعضها بعضًا مع أن المعلوم من إجماع علماء المسلمين في جميع القرون أن الأديان لا يكمل بعضها بعضًا وإنما فيها شيء منسوخ ومنها شيء مبدل محرف، والغزو الفكري قد تمكن من هذا الباب، ولذلك نحن بحاجة إلى وعي بالغ في هذه القضية حتى نضع للمسائل الاستثنائية حكمها ونثبت القواعد دون تغيير لعل الأجيال القادمة تأتي وتجد قواعد ثابتة لا يحكم علينا فيها بتزييف أو تضييع لها.