للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محمد الحاج الناصر:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أود بادئ الأمر أن أشكر الصديق العزيز الأخ الغالي فضيلة الأستاذ الشيخ محمد علي التسخيري على المنهج الذي رسمه لمن سيأتي بعده في الدورات المقبلة للمجمع الذي نأمل له عُمْرًا طويلًا حافلًا بالإنجازات ليقتدي به ويهتدي، فذلك الذي صنعه اليوم هو العرض وما كان يصنع من قبل ليس بعرض، فحبذا لو تعلمنا المنهجية ونحن نعمل في عمل علمي وليس في عمل إعلامي. ومن هذه المنهجية أننا إذ نعقب نعقب في الموضوع ولا خارج الموضوع ونعقب ما يقتضيه العلم لا بما يريده الإعلام، إذا كنت أحسن الفهم فهذا مجمع الفقه الإسلامي، والفقه علم وليس إعلامًا، وكم نوفر من وقت لو استطعنا أن نقف عند حدود ما نعقب عليه أو نعقب به.

ثم كم نوفر علينا من متاعب عاطفية لو تذكرنا أننا جميعا شركاء في أشجان وشجون لكن ما كان ينبغي ونحن نواجه واقعًا يثير أشجانًا ماضية تنكأ قروحًا في القلب ما تزال تثغب دمًا دون أن يكون من نكثها ما يفيد في الواقع أو في المستقبل.

أشياء كثيرة ينبغي أن ننساها أو نتناساها على الأقل، ونواجه مستقبلنا إخوة متضامنين متعاونين، فإن لم نفعل فسنفشل وتذهب ريحنا. وأخرى حيث المجمع مجمع فقهي وموضوع اليوم موضوع العلاقات الدولية في الإسلام أو الإسلام والحقوق الدولية.

ومسائل قد تكون قريبة من هذه العلاقات أو الحدود مما تناوله الفقهاء والمجتهدون من قبل بل وفيه نصوص قرآنية وحديثية لكن ليس من الحكمة أن تثار في هذا الواقع , فلماذا نحاول إثارتها وقد جاءت فيها نصوص صريحة حاسمة لا تقبل الاجتهاد وليست بحاجة إلى متفقه؟ فإن يكن قد وقع بعض التجاوز فما كان ينبغي أن يتخذ ذريعة إلى إثارة أشجان، إنما هو السماح، إنما هو العفو بين الإخوة وإلا فلن تعود الوحدة، ثم إن الذي نريده أن نبحثه اليوم هو كيف نواجه بواقعنا الراهن التوفيق بين مقتضيات الأحكام الإسلامية في العلاقات الدولية ومقتضيات ما تقوم عليه العلاقات بين الدول اليوم؟ ينبغي أن ندرك أننا في حالة ضعف صنعناها لأنفسنا لأننا لم نقف حيث يريد الله أن نقف، إنما اندفعنا وراء المحاكاة والتقليد وحسبنا الإسلام هوية سياسية ونسينا أنه صبغة الله، وشتان بين الصبغة والهوية نحن إذن في حالة ضعف وعلينا أن نواجه وضعًا دوليًّا خطيرًا صنعناه بأنفسنا، فعلينا أن نواجه أخطاءنا , وأن نحاول أن نجد من تعاليم الإسلام ما يكيف مسارنا المتطور مع هذه العلاقات أو الأوضاع إلى أن نتبوأ المقام الذي يريده الله إن نصرناه فنصرنا، ولن ينصرنا إن لم ننصره، ليس من نصرنا له أن نخلط الوثنية بالله , فإن جاهدنا في سبيل الله حقًّا نَصَرَنَا , وإن خلطنا بسبيله أخرى فالله أغنى الشركاء عن الشركة. أوضاعنا الضعيفة في الفقه الإسلامي القديم ما يواجهها أوما يوجد فيه مَعْلَم لما نريد أن نتخذه اليوم لمواجهتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>