فأحبذ أن يكون لدينا نوع من الوعي على أن المسألة ليست مسألة حوار نقوله ولا مسألة مديح نكيله إلى الإسلام , وإنما مسألة وعي على الآخر. إن هناك آلاف المستشرقين الذين درسوا كل شيء يتعلق بنا، فكرنا، ديننا، معتقداتنا، عاداتنا، تقاليدنا في كل شيء، وخبروا كل شيء فينا وعرفوا كيف يخاطبوننا، لكن لا نجدد في العالم الإسلامي كله مُسْتَغْرِبًا واحدًا خبر الغرب وعرفه وعرف نواياه واطلع على خططه ويعرف كيف يتعامل معه أو كيف يتخاطب معه في هذه الحالة.
إننا في حاجة إلى إدراك لهذا إلى أن يكون عندنا جمع من الخبراء من العلماء الذين يعرفون الخلفية التاريخية والواقع المعاصر وأهداف هذه الحضارة، وأساليبها، وكيف تتعامل مع كل جزئية. إنها بالفعل اليوم لم يعد لها من خصم إلا الإسلام ولم يعد لهم من هدف إلا المسلمون، وهي ماضية في طريق تجريدهم من إسلامهم وإيجاد فصامٍ بينهم وبين الإسلام كاملٍ، وهم يعتمدون في ذلك شتى الوسائل ولديهم هذه الأجهزة العملاقة، هم من خلال الغزو الإعلامي الذي ينتهجونه والذي سوف يدخل إلى بيت كل منا تسعين قناة تلفزيونية تبث كل شيء كالإذاعات التي نستمتع إليها في الراديو، سوف يحولون ويغيرون كل أجهزة التربية والتعليم , وهم ماضون في محاولة إقناع الجميع بقبول برامجهم ونموذجهم في الحياة والتربية والتعليم , هم أحيانًا يعقدون ندوة ويتنادون لمؤتمر فقط لأنهم شاهدوا فتاة قد ارتدت غطاء رأس في حارة من حواري أية مدينة إسلامية , قد يتنادون إلى ندوة لمجرد أنهم رأوا شابًا جامعيًّا قد أطلق لحيته في أي ركن من أركان الأرض، لماذا؟ لأنهم أناس يعرفون من هو العدو ويعرفون حقيقة هذا المنافس الخطر الذي يؤمن كل واحد من حملته بأن الله قد حتم ظهوره على الدين كله، فالله ـ سبحانه وتعالى ـ صحيح قد طمأننا في آيات ثلاث إلى حتمية ظهور هذا الدين لكن أن يشرفنا بالجندية لتحقيق هذا الأمر هو ما ينبغي السعي إليه. إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد وعد ـ وهو الصادق المصدوق ـ في عشرة أحاديث صحاح بظهور هذا الدين على الدين كله تأييدًا لما في القرآن الكريم وتوضيحًا له، وهذا أمر مسلم لا بد منه ويعرفه الغربيون كذلك ويعرفون أننا نؤمن به ويريدون أن يحطموا هذا الشعور فينا أو هذا الإيمان فينا، ولكن نحن مطالبون بشيء أكثر من هذا، مطالبون بدراسات متعمقة، مطالبون بمراكز أبحاث كثيرة لو أحصينا ما في ثلاثة آلاف جامعة أمريكية في طول أمريكا وعرضها مخصصة في الدراسات الإسلامية لوجدنا أن هناك ما يزيد عن مائتي مركز دراسات إسلامية متخصصة في هذا. فنحن نحتاج إلى هذا النوع من الوعي لكي نتمكن من مواجهة هذا التيار وليست المسألة مسألة حوار وليست المسألة مسألة محاضرات أو شيء نقدمه لهم، إنهم على وعي كامل بنا , فعلينا أن نكون على وعي وإدراك لأنفسنا ولهم. والله سبحانه وتعالى هو مولانا، نعم المولى ونعم النصير.
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
مع تقدير البالغ للمداولات التي حصلت لكن منها ما يتعلق بأكمله في موضوع الغزو الفكري وسيكون الموضوع المسائي ـ إن شاء الله تعالى ـ ومنها ما هي أحاسيس متبادلة لدينا جميعًا ولله الحمد، لكن الذي أرجوه أن يكون طلب الكلمة يتعلق في الموضوع ذاته.