للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ الدعوى والتوعية أولًا، وعدم الهجوم المباغت دونما تثبت:

ـ كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمر بانتظار المجموعات التي يحاربها، فإذا سمع الأذان منها امتنع، وإلا حمل عليها.

وكان يحمل عند صلاة الصبح، ليعرف هل يصلونها أم لا، وإذا حاصر انتظر حتى الصباح. (١)

ـ وقال علي (ع) :

(( ((بعثني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى اليمن فقال: يا علي! لا تقاتلن أحدًا حتى تدعوه إلى الإسلام، وايم الله، لأن يهدي الله ـ عز وجل ـ على يديك رجلًا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي)) .)) (٢)

ـ وقد روي أن عليًّا (ع) كان يقول في كل موطن يتم فيه لقاء العدو:

"لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم، فإنكم بحمد الله على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤوكم حجة أخرى لكم، فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرًا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثلوا بقتيل" (٣)

وهذا وقد تضافرت الروايات التي تؤكد هذه الحقيقة (٤) . وقد جيء لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببعض الأسرى، وعلم إنهم أسروا قبل الدعوة فأمر بإطلاق سراحهم (٥) .

كما أن كتب الفقه كلها ـ تقريبًا ـ تشير إلى ضرورة الدعوة والتوعية والانتظار حتى تتم الحجة، نذكر مثلًا:

ـ قول الحلبي في (الكافي) :

"ولا تبدأ العدو بالحرب بعد الإعذار، حتى يكونوا هم الذين يبدؤون به، لتحق الحجة، ويتقلدوا البغي" (٦) .

ـ ويقول الشيخ الطوسي في (النهاية) :

"ولا يجوز قتال أحد من الكفار، إلا بعد دعائهم إلى الإسلام، وإظهار الشهادتين، والإقرار بالتوحيد والعدل، والتزام جميع شرائع الإسلام، فمتى دُعوا إلى ذلك فلم يجيبوا حل قتالهم، ومتى لم يُدعوا لم يجز قتالهم، والداعي يجب أن يكون الإمام أو من يأمره الإمام". (٧)

ـ ويقول الصهرشتي في (إصباح الشريعة) :

"وكيفيته: أن يؤخر لقاء العدو، إلى أن تزول الشمس وتصلى الصلاتان، وأن يقدم قبل الحرب الإعذار والإنذار، والاجتهاد وفي الدعاء إلى الحق، وأن يمسك عن الحرب ـ بعد ذلك ـ حتى يبدأ بها العدو، لتحق الحجة عليه ويتقلد بذلك البغي". (٨)

ـ ويقول القاضي الطرابلسي في (المهذب) :

"ومن لم تبلغه الدعوة فلا يجوز له قتاله، إلا بعد الإنذار والتعريف بما تتضمنه الدعوة". (٩)

ـ ويقول الرواندي في (فقه القرآن) :

"وإذا قوتل البغاة فلا يبتدؤون بالقتال، إلا بعد أن يُدعوا إلى ما ينكرون من أركان الإسلام" (١٠) .

ـ ويقول حمزة بن علي الحلبي في (غنيمة النزوع) :

"وأن يقدم قبل الحرب الإعذار والإنذار والاجتهاد في الدعاء إلى الحق" (١١) .

ولا نستطيع أن نستقصي الآراء، فالإجماع قائم على ذلك، وهي صفة حميدة تجعل الطرفين على بينة، وتتم الحجة والمنطقية في البين، وعلى هذا الأساس منعوا من التبييت (وهو الهجوم ليلًا) ولما فيه من فزع.


(١) سنن الدارمي: ٢/ ٢١٧؛ والسنن الكبرى: ٩/ ١٠٨، ونيل الأوطار: ٨/ ٦٩
(٢) وسائل الشيعة: ١١/ ٣٠
(٣) الوسائل: ١١/ ٦٩
(٤) يراجع مثلًا: مصابيح السنة: ٢/ ١٤٩؛ ومسند ابن أبي شيبة: ١٤/ ٢٦٤، والسنن الكبرى: ٨/ ١٧٩
(٥) البداية والنهاية: ٤/ ٣١٥، وكنز العمال: ٤/ ٢٧١
(٦) الينابيع الفقهية: نقلًا عنه: ص ٣٦
(٧) ن. م: ص ٥١
(٨) ن. م: ص ٧١
(٩) ن. م: ص ٩١
(١٠) ن. م: ص ١٤٣
(١١) ن. م: ص ١٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>