للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يظهر لنا رجحانه هو القول بأن الإذن هو الأصل في التداوي ما دام المريض لم يصل إلى حالة الخطورة القصوى، أما إذا بلغ ذلك فلا عبرة بإذنه عملًا بقاعدة ((الضرورات تبيح المحظورات)) وكذلك تدل نصوص الشرع ومقاصده على حماية النفس والبدن من المهالك، وأن الإنسان لا يملك نفسه.

وكذلك لا عبرة بإذن المريض في حالات كون مرضه معديًا خطيرًا ينتشر، ويعدي الغير، فحينئذٍ يجبر على التداوي حماية للمصلحة العامة والمجتمع الإسلامي ودفعًا للضرر، وحسمًا لمادة الأذى والضر، وكذلك في حالات الإدمان على المخدرات إذ تستوجب إنقاذه.

هل وصفات الرسول صلى الله عليه وسلم لازمة ومخالفتها مخالفة للسنة:

هذه المسألة فرع عن مسألة اختلف الفقهاء فيها قديمًا، وهي: هل السنة كلها تشريعية أم لا؟ وقد اختلف العلماء فيها على قولين:

القول الأول: وهو قول من يرى أن من السنة ما ليس تشريعًا، وقد انتصر لهذا القول جمع من العلماء منهم ابن القيم حيث بين أن كثيرًا من تلك الأحاديث الواردة في الطب مخصوصة بظرف معين أو مكان مخصوص، بل ربما صدرت عنه بمحض رأيه وتجربته البشرية (١) .

والقول الثاني: وهو قول من يرى أن السنة كلها تشريعية، إذ الحديث وحي غير متلو: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٢) . ولقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (٣) . وهي السنة كما قال الشافعي، وقد انتصر لهذا الرأي صديقنا العلامة الدكتور القره داغي، وأطال النفس في الرد على المخالفين، يجمل بمن أراد الاستفادة الرجوع إليه (٤) .


(١) انظر: تفصيل القول فيه بحث أستاذنا الجليل الدكتور القرضاوي، في حولية مركز السنة والسيرة، العدد الثاني: ص٣٦٢؛ والعدد الثالث: ص١٧ - ١٠٥؛ وتفسير المنار: ٩/٢٥٧؛ والشفاء لعياض: ٢/٤١٨.
(٢) سورة النجم: الآيتان ٢، ٣.
(٣) سورة النساء: الآية ١١٣.
(٤) حولية مركز السنة والسيرة العدد الثاني: ص٣١٥ - ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>