للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يستدل لهم بما روي من حديث عائشة - رضي الله عنها - (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في مرضه الذي قبض فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه بهن) (١) ، وقد بوب عليه البخاري بقوله: باب المرأة ترقي الرجل.

وكذلك بما تقدم عن رفيدة الأسلمية وأنها كانت تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كان به ضيعة من المسلمين (٢) .

ومن هؤلاء المجيزين من خص ذلك بذوات المحارم، ثم بالمتجالات (٣) منهن، معللًا بأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه، بل يقشعر منه الجلد، كما أضافوا أن تكون المداواة عند الضرورة بغير مس ولا مباشرة مستدلًا على ذلك بما اتفق عليه الفقهاء من أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها، أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس، بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم، وفي قول الأكثر منهم (٤) .

ومنهم من لم يشترط تلك الشروط، ورد عليهم بأن هناك فرقًا بين حال المداواة وتغسيل الميت، وهو أن الغسل عبادة، والمداواة ضرورة والضرورات تبيح المحظورات قاله ابن المنير (٥) .

وذكر التلمساني في باب الرقي ما يدل على اشتغال النساء بمداواة الرجال (٦) .

(أ) مداواة المرأة للمرأة:

هناك أحاديث تدل على جواز مداواة المرأة للمرأة فمن ذلك ما رواه أبو داود عن الشفاء بنت عبد الله، قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة رضي الله عنها، فقال: (ألا تعلمين حفصة رقية النملة، كما علمتها الكتابة) (٧) .

وفي الصحيحين أن أسماء كانت إذا أتيت بالمرأة قد حمت تدعو لها، أخذت الماء فصبت بينها وبين جيبها، وقالت: (كان رسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نبردها بالماء) (٨) .


(١) فتح الباري: ٧/٣٧٢ كتاب المغازي.
(٢) فتح الباري: ١٠/٢١٠ كتاب الطب.
(٣) يقال امرأة تجالت: أسنت وكبرت، النهاية لابن الأثير: ١/٢٨٨؛ والمعجم الوسيط: ١/١٣١.
(٤) فتح الباري: ٦/٨٠.
(٥) فتح الباري: ٦/٨٠.
(٦) تخريج الدلالات السماعية، للتلمساني: ص٦٨٦.
(٧) سنن أبي داود - كتاب الطب - ما جاء في الرقي.
(٨) جامع الأصول: ٧/٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>