للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) مداواة الرجل للمرأة:

وكذلك أجاز العلماء مداواة الرجل للمرأة وقد بوب عليه البخاري بقوله: باب هل يداوي الرجل المرأة، والمرأة الرجل (١) .

ويستدل لهم بالقياس على ما سبق من حديث الربيع بنت معوذ، وإن النساء كن يداوين الجرحى ... فيؤخذ من هذا الحديث حكم مداواة الرجل المرأة منه بالقياس كما قال البخاري (٢) .

وفي صحيح مسلم أن أم سلمة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا طيبة أن يحجمها (٣) .

ومن هؤلاء من قال بجواز مداواة الأجانب عند الضرورة، وتقدر بقدرها فيما يتعلق بالنظر والجس باليد (٤) . وقال في الفتح (٥) : يجوز كشف العورة للمداواة، وقال ابن مفلح: فإن مرضت امرأة ولم يوجد من يطبها غير رجل جاز له منها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظره حتى الفرجين، وكذا الرجل مع الرجل، وسئل أحمد عن وضع المجبر يده على يد المرأة للعلاج، قال: هذه ضرورة، ولم ير به بأسًا، وسئل عن الكحال يخلو بالمرأة، فقال: أليس هو على ظهر الطريق؟ قيل: نعم، قال: إنما الخلوة تكون في البيوت (٦) .

وذكر الشوكاني في أبواب ستر العورة ما يفيد استثناء الطبيب من حرمة النظر (٧) .

وكذا الزيدية أجازوا للطبيب النظر إلى موضع المعالجة من بدنها في أي موضع كان بشرط أن لا توجد امرأة تعالجها وأن يخشى عليها التلف أو الضرر، وأن يأمن الوقوع في المحظور (٨) ، وقال في البحر الزخار (٩) : (وللطبيب نظر ما يحرم نظره في المداواة للضرورة إجماعًا فلا يتعداه، فإن وجد الجنس والمحرم، حرم غيره) وبنحو ذلك قال الحنفية (١٠) والمالكية (١١) ، وأضافت الشافعية (١٢) ، أن يكون التداوي بحضور محرم أو زوج، وأن لا توجد امرأة تعالج المرأة، وأن لا يكون ذميًّا مع وجود مسلم.

ونخلص مما سبق أن الفقهاء قالوا بجواز نظر الطبيب إلى الأجنبية بقصد العلاج لما سبق من حديث أم سلمة وبشروط معينة، مثل الاقتصار في الكشف على قدر الحاجة، وأن لا توجد طبيبة تعالجها، وأن تتم المعالجة بوجود محرم أو امرأة ثقة، وأن لا يكون الطبيب ذميًّا مع وجود مسلم وأن يكون ثقة مأمونًا (١٣) .


(١) فتح الباري: ١٠/١٣٦، كتاب الطب، باب هل يداوي الرجل المرأة، والمرأة الرجل.
(٢) فتح الباري: ١٠/١٣٦، كتاب الطب، باب هل يداوي الرجل المرأة، والمرأة الرجل.
(٣) النووي على مسلم: ١٤/١٩٣.
(٤) النووي على مسلم: ١٤/١٩٣، وقليوبي وعميرة: ٣/٢١٢.
(٥) فتح الباري: ١٠/٣٤١.
(٦) الآداب الشرعية: ٢/٤٦٤ - ٤٦٥.
(٧) نيل الأوطار: ٢/٦٩.
(٨) شرح الأزهار: ٤/١١٤.
(٩) ٥/٣٧٨.
(١٠) حاشية ابن عابدين: ٣/١٦١.
(١١) الفواكه الدواني: ١/٤٤١.
(١٢) قليوبي وعميرة: ٣/٢١٢.
(١٣) تربية الأولاد في الإسلام، د. عبد الله علوان: ١/٥٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>