للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم.

أولًا نشكر العارض الكريم على عرضه الطيب، وكان بودنا أن يلخص ما جاء في بقية البحوث ولنا بعض الملاحظات.

أولًا: أن بيع الوفاء ليس له أثر على الاقتصاد في وقتنا الحاضر بل كما قال أخي الدكتور أنس: إنه ضربة قاصمة للظهر للبنوك الإسلامية.

ثانيًا: أن بيع الوفاء توصل إليه بعض الفقهاء في ظل الظروف الاستثنائية، وهو يدخل ضمن الحيل في عصر ما بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية، ولذلك فهي من الحيل كما قال علماء الحنفية أو أكثر علماء الحنفية أنفسهم.

ثالثًا: أن بيع الوفاء إضافة إلى أنه حيلة للتخلص من الربا، يتضمن شرطًا ينافي مقتضى البيع وهو البيع بشرط رده، ولذلك لم تعترف به القوانين المدنية الوضعية كما جاء ذلك في كثير من المذكرات الموضحة للقوانين المدنية بأن هذا العقد لا يمكن الاعتداد به أو اعتباره لأن الشرط الموجود فيه يخالف مقتضى العقد إضافة إلى الأضرار الاقتصادية التي حدثت في مصر كما تفضل به الدكتور علي السالوس.

رابعًا: أن بيع الوفاء في الواقع ليس بيعًا، لأن مقتضى البيع التأبيد، وليس رهنًا لأنه لا يجوز بالاتفاق الانتفاع بالعين المرهونة سوى المحلوب والمركوب، كما أنه ليس بيعًا عقدًا مستقلًّا إذ ليس في مقوماته عقد مستقل كما سبق وأن ذكرنا في عقد الاستصناع، وعقد الاستصناع - حقيقة - عقد قال به العلماء في القرون الثلاثة، ولا يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تبع ما ليس عندك)) كما يقول ابن القيم لأن هذا نفي في شيء فيه غرر، أما بيع الاستصناع فهو موجود في الذمة وابن القيم يقول: ما هو موجود في الذمة كالموجود في العين، الموجود في الذمة كالموجود والمحسوس، كما يقول ابن القيم في شرحه لحديث: ((لا تبع ما ليس عندك)) في شرحه لسنن أبي داود.

خامسًا: أن بعض المصطلحات التي ذكرها أخي الكريم العارض لبعض المذاهب الأخرى كالثُنْيا عند المالكية، والعهدة عند الشافعية، والأمانة عند الحنابلة، حسب معلوماتي بهذه المذاهب يحتاج إلى إعادة النظر من أخينا الكريم وينقح المناط، هل هذه المصطلحات فعلًا تساوي بيع الوفاء؟ وأنا في اعتقادي أن هذه المصطلحات لا تساوي تمامًا وهناك فروق جوهرية بين هذه المصطلحات ومصطلح بيع الوفاء.

سادسًا: أن بيع الوفاء إذا لم يتضمن شرط الرد لا يسمى حينئذ بيع الوفاء، وحينئذ يخرج عما نحن فيه، فالقضية قضية أنه إذا كان فيه شرط الرد، أما إذا كان واحد يبيع فعلًا وبعد ذلك طبيعيًّا ودون أن يكون هناك نية مبيتة كما في بيع العينة وغير ذلك فحينئذ لا يسمي بيع الوفاء أبدًا، فبيع الوفاء كمصطلح معروف هو ما كان فيه شرط الرد، أو ما كان معروفًا فيه الرد، لأن المعروف عرفًا - كما يقول - كالمشروط شرطًا، فالقضية إما أن يكون منصوصًا عليه أو معروفًا عرفًا، أما إذا حصل بيع عادي بعد ذلك فهذا شيء آخر.

سابعًا: أنا أضم رأيي إلى رأي الأخوين الكريمين المتداخلين أنه فعلًا لو فتح هذا الباب لفتح معه باب الحيل على مصراعيه. هذا والله سبحانه أعلم، وأشكركم وبارك الله فيكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>