للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول المختار: هذا والمختار من الأقوال الثلاثة هو القول بعدم جواز انتفاع المرتهن بالمرهون مطلقًا سواء أكان الانتفاع مشروطًا في العقد، أم كان غير مشروط، وسواء أكان الرهن بدين قرض أم كان بغير دين قرض، لقوة أدلته وسلامتها مما ورد عليها، ولأنه يتفق وسماحة الدين ويسره ونبل مقاصده حيث حَثَّ على التعاون وأكده، أما تَحَيُّن الفرص لأكل أموال الناس بالباطل فليس في شرائع الله تعالى ما يبيحه.

انتفاع المرتهن بالمرهون إذا لم يأذن له الراهن: الحقيقة - يعني - هي أقوال أربعة معروضة لن نأتي على ذكرها لأنه ما من جديد، لكن نعود إلى الخلاصة.

المختار: والقول المختار من الأقوال الأربعة في انتفاع المرتهن بالمرهون المركوب أو المحلوب، أو الصالح للخدمة، إذا لم يأذن الراهن للمرتهن في الانتفاع به، هو ما ذهب إليه أبو ثور والليث والأوزاعي من حل الانتفاع بقدر المنفعة إذا امتنع الراهن عن الإنفاق على المرهون، لقوة أدلته ولموافقته لروح التشريع، ولما فيه من المحافظة على حقوق الراهنين والمرتهنين، وعلى الأموال التي أمر الشارع بالمحافظة عليها ونهى عن إضاعتها وأكلها بالباطل. فإن الناظر في أدلة المذاهب المختلفة يرى أنه قد سلم منها حديث: ((له غنمه، وعليه غرمه)) ، وحديث: ((الظهر يركب بنفقته)) ، وحديث: ((فإن استفضل من اللبن شيء بعد ثمن العلف فهو ربا)) ، وسبيل العمل بالأحاديث المتعارضة هو الجمع بينها، وأما الأخذ وترك البعض الآخر لمجرد ما أثير حوله من أقاويل، أو تعصب لرأي معين، فبعيد عن الصواب.

والخلاصة أن التحريم متفق عليه في غير مسألة المركوب والمحلوب، أما فيهما فقد قيل بالحل. ولكن الجمهور على خلافه ولا شك أن الأرض المرهونة ليست كالحيوان حتى تقاس عليه، فلا يجوز أن يكون القرض على رهنها سببًا في الانتفاع بها اتفاقًا فإن محل الخلاف بين الجمهور وغيرهم إنما هو الحيوان كما علم.

الصور التي يمكن للاقتصاد أن ينتفع بها من بيع الوفاء: في الحقيقة خلصنا من مبحث الرهن إلى أربعة عشر ضابطًا أو قاعدة فقهية:

١- أن بيع الوفاء ليس برهن محض، وأن ثمن الوفاء ليس بدين محض في ذمة البائع.

٢- لو كان الثمن في بيع الوفاء دينًا لكان المبيع رهنًا ولما كان المبيع بيع الوفاء ليس برهن فلا يملك المشتري منافعه أو يملكها.

٣- لو كان ثمن الوفاء دينًا لما جاز البيع وفاء قبل الثمن لأنه يصير رهنًا بلا دين، وهو لا يجوز.

٤- لو كفل بدين فشرى الطالب به عقار المديون وفاء تبطل الكفالة ثم لا تعود بفسخها ببيع الوفاء.

٥- لو باعه وفاء ولم يقبض الثمن لا يتمكن من بيعه من آخر قبل فسخه، والرهن كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>