والقول الثالث: في فتاوى قاضيخان: الصحيح أن العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهنًا، ثم ينظر، إن ذكرا شرط الفسخ في البيع فسد البيع، وإن لم يذكرا ذلك في البيع وتلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء، أو تلفظا بالبيع الجائز عندهما هذا البيع عبارة عن عقد غير لازم فكذلك، وإن ذكرا البيع من غير شرط ثم ذكرا الشرط على وجه المواعدة جاز البيع ويلزم الوفاء بالميعاد - طبعًا له دليله ولن نذكره اختصارًا.
القول الرابع: قاله في العدة واختاره الإمام ظهير الدين المرغيناني وغيره من مشايخ بخارى: أنه بيع فاسد كبيع المكره، ولذلك يكون للبائع حق نقض المشتري وهبته لأنه بيع بشرط فاسد. ووجه هذا القول: أن الفساد باعتبار عدم الرضا فكان حكمه حكم بيع المكره. وقال الأتقاني: والأصح عندي أن بيع الوفاء بيع فاسد، يوجب الملك بعد القبض، كسائر البياعات الفاسدة.
القول الخامس: ما اختاره أئمة خوارزم: أنه إذا أطلق البيع ولكن وَكَّل المشتري وكيلًا لفسخ البيع إذا أحضر البائع الثمن، أو عَهِدَ على أنه إذا أوفاه فسخ البيع، والثمن لا يعادل المبيع وفيه غبن فاحش.
- على أي حال نأتي للقول السادس وباختصار - القول السادس: ما اختاره البعض منهم الشيخ الإمام فخر الدين الزاهدي وبعض مشايخ سمرقند: إذا كان الوفاء غير مشروط في البيع نجعله صحيحًا في حق المشتري حتى يحل له الانتفاع بالمشترى كما يحل بسائر أملاكه، ولا ضمان عليه، ونجعله رهنًا في حق البائع، حتى لا يتمكن المشتري من بيعه ولا يورث عنه ولا يملك المشتري تحويل يده وملكه إلى غيره وأجبر على الرد إذا أحضر المدين لأنه كالزرافة مركب من البيع والرهن، على ما قال، وكثير من الأحكام له حكمان: كالهبة حال المرض، والهبة بشرط العوض. قال: وجعلناه كذلك لحاجة الناس إليه فرارًا من الربا، فبلخ اعتادوا الدين والإجارة الطويلة ولا يمكن ذلك في الأشجار، فاضطروا إلى بيعها وفاء، وما ضاق على الناس أمره اتسع حكمه. وعقب على هذا الرأي بالقول: والفتوى في زماننا على جوازه من هذا الوجه. وفي جامع الفصولين - نختصر - قال: والقول السابع: أجاب علاء الدين بدر: أنه لا يصح، وعلى هذا اختيار صاحب الهداية وأولاده ومشايخ زماننا، قال: وعليه الفتوى. أعني لا يملك المشتري البيع من الغير كما في بيع المكره، لا كالبيع الفاسد بعد البقض. والقول الثامن والتاسع مذكور باختصار.
والقول الراجح: قال علي حيدر في شرح المجلة ما نصه: والحاصل أن بيع الوفاء وإن وُجِد فيه تسعة أقوال فأرجحها القول الذي اتبعته المجلة في قولها: بيع الوفاء في حكم البيع الجائز بالنظر إلى انتفاع المشتري، وفي حكم البيع الفاسد بالنظر إلى كون كل من الفريقين مقتدرًا على الفسخ، وفي حكم الرهن بالنظر إلى أن المشتري لا يقدر على بيعه إلى الغير. وعلى كل فوجه الشبه بالرهن أبين وأرجح.