للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب المالكية: اختلف أيضًا فقهاء المالكية في حكم بيع الوفاء على قولين: القول الأول إنه بيع باطل، والقول الثاني إنه رهن باطل. وابن رشد قال في البداية: لا يجوز عند مالك، وعبارته: أما من قال له البائع متى جئتك بالثمن رددت عليَّ المبيع، فإنه لا يجوز عند مالك، لأنه يكون مترددًا بين البيع والسلف، إن جاء بالثمن كان سلفًا، وإن لم يجىء كان بيعًا. وفي البيان والتحصيل، قال: سئل مالك عمن باع أصل حائطه من رجل أنه متى جاءه بالثمن كان أحق بحائطه وكان إليه رده فأقام في يد المشتري ست سنين يأكل ثمرته، ويزرع قصيبًا يأكل غلته، ثم أيسر البائع بعد ست سنين فجاءه بالثمن فرده عليه وأخذ حائطه، وقد أكل المشتري ثمرته ست سنين وغلة قصب كان يزرعه، وقال مالك: أصل هذا البيع لم يكن جائزًا ولا حسنًا، وأرى للمشتري ما أكل من الثمر واستغل من القصب بالضمان لأنه كان للحائط ضامنًا، إلى آخر القول. وجاء في المدونة: قلت: أرأيت لو أن رجلًا اشترى جارية على أن البائع متى جاء بالثمن فهو أحق بالجارية، أيجوز هذا في قول مالك؟ قال: لا، قلت: لِمَ؟ قال: لأن هذا يصير كأنه بيع وسلف.

حكم الغلة في بيع الثنيا عند المالكية: اختلف في الغلة في هذا البيع، هل هي للمشتري أو للبائع: قال الرجَراجي: اختلف في بيع الثنيا هل هو بيع أو رهن على قولين: وفائدة الخلاف في الغلة، فمن رأى أنه بيع قال: لا يرد الغلة، وقد قال مالك في العتبية: إن الغلة فيه للمشتري بالضمان فجعله بيعًا وإنه ضامن والغلة له، إلى آخر الكلام. وبالجملة: فإن ثمرة الخلاف بين القولين - أي في كونه رهنًا أو بيعًا عند المالكية - تظهر في الغلة، فمن قال: إنه بيع، قال: لا يرد الغلة، وتكون للمشتري بالضمان، ومن قال: إنه رهن، قال: لا يرد الغلة، وإنه في ضمان البائع، وحكمه حكم الرهان في سائر أحكامها.

<<  <  ج: ص:  >  >>