للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم بيع الوفاء عند فقهاء الحنفية: استظهر صاحب الفتاوي البزازية تسعة أقوال لفقهاء المذهب في حكم بيع الوفاء، نقول منها، القول الأول: ما أورده النسفي في فتاويه: البيع الذي يتعارفه أهل زماننا احتيالًا للربا وسموه بيع وفاء هو رهن في الحقيقة، وتترتب عليه أحكام الرهن، وهي ألا يملكه المشتري، ولا ينتفع به إلا بإذن البائع، ويضمن المشتري ما أكل من ثمرة المبيع أو أتلف من شجره، ويسقط الدين بهلاكه لو يفي، ولا يضمن ما زاد كالأمانة، وللبائع استرداده عند قضاء الدين متى شاء، والوجه في هذا القول: أن المتعاقدين وإن سمياه - أي بيع الوفاء - لكن عرفهما الرهن والاستيثاق بالدين، إذ البائع يقول: رهنت ملكي، والمشتري يقول: ارتهنت ملك فلان، والناس يسمونه الرهن، والعبرة في التصرفات للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني. وقال في الفتاوى الخيرية: والذي عليه الأكثرون أنه رهن لا يفترق من الرهن في حكم من الأحكام، وفيه: قلت للسيد الإمام أبي الحسن الماتريدي: قد فشا هذا البيع بين الناس، وفيه مفسدة عظيمة، وفتواك أنه رهن. قال: وأنا أيضًا على ذلك، فالصواب أن نجمع الأئمة ونتفق على هذا ونظهره بين الناس، فقال: المعتبر اليوم فتوانا، وقد ظهر ذلك بين الناس، فمن خالفنا فليبرز نفسه وليقم دليله وفي فتاوى عماد الدين: فتوى أئمة زماننا أن حكم بيع الوفاء حكم الرهن، ويترتب عليه ما يترتب على الرهن، وقال النسفي: هذا البيع باطل وهو رهن وحكمه حكم الرهن، وقيل: هو بيع فاسد يوجب الملك إذا اتصل به القبض والأول أصح. وفي جواهر الفتاوى: لا فرق عندنا بين الرهن وبينه في حكم من الأحكام.

القول الثاني: عن علامة سمرقند صاحب المنظومة - سمرقند التي كنا ندعو دائمًا أن يعيدها الله إلى ديار الإسلام، وقد عادت بحمد الله تعالى، ونرجو، إن شاء الله، أن تكون الجلسة المقبلة فيما بيننا علماء تلك المنطقة - عن علامة سمرقند صاحب المنظومة نجم الدين النسفي (٧١٠هـ) قال: اتفق مشايخ الزمان - وهو ما كان عليه بعض السلف - على صحته بيعًا وإفادته لبعض أحكامه وهي: الانتفاع به دون البعض، وهو البيع لحاجة الناس، وَجُوِّزَ الاستصناع لذلك، وقد بحث البارحة مبحث الاستصناع. وقال صاحب النهاية: وعليه الفتوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>