للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناسبة ذكره في كتب الفقه: من الملفت للانتباه أنه تَوَزَّعَ هذا المبحث في أبواب الفقه حتى ضمن المذهب الواحد، نقول: ذكره الحطاب في باب البيوع المنهي عنها، قال: ومن الشروط المناقضة بيع الثنيا، وهو من البيوع الفاسدة، بينما ذكره ابن رشد في بيع الشروط، وذكره صاحب الملتقط في باب الرهن، وذكره البزازي وقاضيخان في مباحث البيع الفاسد، وذكره ابن نجيم وغيره في خيار الشرط، وذكره الزيلعي في كتاب الإكراه. وهكذا نجد أن هذا البيع احتار العلماء تحت أي فئة ينسبونه من أبواب الفقه.

ما ينعقد به البيع وفاء: قالوا: لو قال المشتري: اشتريت منك المبيع الفلاني بكذا على أن أرده لك أو أبيعه منك متى أرجعت إلي ثمنه، أو أديتني إياه، فقال البائع: بعته منك على تلك الصورة، انعقد البيع بالوفاء، وإذا حصل الاتفاق بين الطرفين على أن يكون العقد الذي سيجري بينهما عقد بيع ووفاء ثم عقدا البيع ولم يصرحا فيه بأنه كذلك.

والفرق بين عامة البيوع وبيع الوفاء متصور في ثلاثة وجوه: في بيع الوفاء ثلاثة محظورات: بيع الوفاء بيع فيه شرط لا يقتضيه العقد وهو شرط رد المبيع إلى البائع إذا رد الثمن فيلزم أن يكون بيعًا فاسدًا. وبيع الوفاء بيع شرط فيه إقالة، وكل بيع شرط فيه إقالة يكون فاسدًا، وبيع الوفاء رهن في الحقيقة ومن حكم الرهن حرمة الانتفاع بالعين المرهونة، وهاهنا ينتفع المشتري وهو المرتهن بالمشترى وهو الرهن.

حكم بيع الوفاء والأصل المستند إليه في التحليل أو المنع: اختلف الفقهاء في حكم بيع الوفاء اختلافًا كثيرًا حتى فيما بين فقهاء المذهب الواحد، وبخاصة فقهاء مذهب الإمام أبي حنيفة المتقدمين منهم والمتأخرين، وبالجملة فالمالكية والحنابلة والمتقدمون من الحنفية والشافعية ذهبوا إلى أن بيع الوفاء فاسد. والوجه فيه: أن اشتراط البائع أخذ المبيع إذا رد الثمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه. وهو: ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدوام، وبيع الوفاء إن المشتري قلق، وفي هذا الشرط منفعة للبائع، ولم يرد دليل معين يدل على جوازه، فيكون شرطًا فاسدًا يفسد البيع باشتراطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>