للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشهد لوجود عدد كبير آخر من المدرسين بالجامع الأعظم جامع الزيتونة من غير الشيوخ النظاميين الشيخ محمد سعادة مؤرخ دولة حسين بن علي. فقد جعل عدد المتطوعين للتدريس والإقراء بجامع الزيتونة ثلاثة وثمانين. وقال بأن أميره قسم عليهم أحباسًا إعانة لهم وتشجيعًا. وهذا ما حمله على المقارنة بين الأزهر وما شاهده به وبين الزيتونة في قوله: يفوق هذا الجامع بذلك الجامع الأزهر (١) ، ويتمثل هؤلاء النقباء في أنواع وفئات من العلماء كانوا شموس معارف ودعاة هداة نضع في مقدمتهم شيوخ المالكية الذين تولوا الخطبة بجامع الزيتونة وتداولوا على منبره وأموا الناس به عهدًا طويلًا. وقد ظهر على التعاقب في هذه الفترة ثلة كريمة من بينها:

الشيخ أبو عبد الله محمد حمودة الريكلي الأندلسي التونسي قاضي تونس، المتميز علمًا وديانة وعدالة وصلاحًا. كان قليل الكلام رغم ما عرف به من كثرة المحاورة في العلم مع صحة العبارة وحسن التقرير والتثبت، وكان ثالث شيوخ المدرسة المرادية، تولى مشيختها بعد الفقيه الشيخ أبي عبد الله محمد الغماد، وبعد شيخه العلامة أبي عبد الله محمد زيتونة. وهو لعلو منزلته كان يحضر مجالس الباشا العلمية مع أعيان العلماء. ولم تكن تأخذه في الحق لومة لائم. انتدبه علي باشا، لرفيع منزلته وعلو درجته، إمامًا خطيبًا للجامع الأعظم بعد وفاة أبي الغيث البكري وإلى أن صلح لللإمامة ابنه الشيخ عثمان (٢) . وذلك أن إمامة جامع الزيتونة كانت محصورة في أسر شريفة علمية معروفة لا يجرؤ أحد على تغيير قواعدها أو مخالفة نظامها. وللعلم فإن أسرة البكري هذه قد تداول أبناؤها إمامة جامع الزيتونة كابرًا عن كابر مدة ١٩٣ عامًا (٣) .

وبإثر العلامة الإمام الشيخ محمد حمودة الريكلي المتوفى ١١٦١ رجعت هذه الخطة السنية إلى بيت البكريين. فوليها الشيخ عثمان كما قدمنا فمن تبعه من أفراد أسرته، فالشيخ حسن بن عبد الكبير الشريف، فالشيخ محمد بن عبد الكبير الشريف (٤) .


(١) محمد سعادة، قرة العين: ص١٥٢.
(٢) محمد السنوسي، المسامرات: ١/١١٧، ٢٥٣؛ ومخلوف، شجرة النور الزكية: ١/٣٤٥، ١٣٦٣.
(٣) أول من تقلد إمامة وخطبة جامع الزيتونة من البيت البكري الشيخ تاج العارفين البكري الذي كان حيًّا ١٠٣٧، وقد كان ذلك بعد وفاة أبي يحيى رصاع، وجاء عقبه من ذريته على التوالي الشيخ أبو بكر البكري فالشيخ أبو الغيث بن أبي بكر، وبعد تولي الشيخ علي بن حميدة الرصاع الإمامة والخطبة به، عادت هذه الوظيفة إلى البيت البكري فتقلدها الشيخ علي بن أبي بكر البكري، فالشيخ حمودة البكري فالشيخ أبو الغيث بن علي البكري، محمد السنوسي، المسامرات: ١/١٠٦ - ١١٦؛ ومحمد ابن الخوجة، معالم التوحيد: ص٦٤ - ٦٦.
(٤) محمد ابن الخوجة، معالم التوحيد: ص٦٦ - ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>