للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط السادس: أن يكون المسلم فيه مما يتعين بالتعيين فإن كان مما لا يتعين بالتعيين كالدراهم والدنانير لا يجوز السلم فيه لأن المسلم فيه مبيع والمبيع مما يتعين بالتعين والدراهم والدنانير لا تتعين في عقود المعاوضات فلم تكن مبيعة فلا يجوز السلم فيها.

الشرط السابع أن يكون المسلم مؤجلًا وقد اختلف العلماء في هذا الشرط فالمالكية والحنفية والحنابلة اشترطوا لصحة السلم أن يكون مؤجلًا ولا يصح السلم الحال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ". فهذا الحديث أمر بالأجل والأمر يقتضي الوجوب كما أوجب كون المسلم فيه مقدرًا بالكيل أو الوزن، ولأن السلم رخصة أجيز للرفق بالناس ولا يحصل الرفق إلا بالأجل فإذا انتهى الأجل انتهى الرفق فلا يصح حينئذ وباعتباره رخصة يقتصر على حال ورودها (١) وفي المنتقى للباجي أن الظاهر من مذهب مالك أن السلم لا يجوز إلا في مؤجل وبه قال أبو حنيفة وروى ابن عبد الحكم وابن وهب عن مالك يجوز أن يسلم إلى يومين أو ثلاثة وزاد ابن عبد الحكم أو يوم. قال القاضي أبو محمد: واختلف أصحابنا في تخريج ذلك على المذهب فمنهم من قال إن ذلك رواية في جواز السلم الحال وبه قال الشافعي ومنهم من قال أن الأجل شرط في السلم قولًا واحدًا وإنما تختلف الرواية عنه في مقدار الأجل والدليل على اعتبار الأجل أن ما اختص بالسلم فإنه شرط في صحته كعدم التعيين ووجه القول الثاني أن هذه معاوضة فلم يكن من شرط صحتها التأجيل كالبيع (٢) وعند الشافعية يصح السلم حالًّا ومؤجلًا فإن أطلق عن الحلول والتأجيل وكان المسلم فيه موجودًا انعقد حالًّا لأنه جاز السلم مؤجلًا فلأنه يجوز حالًّا بالأولى لبعده عن الغرر وما ورد في الحديث، من قوله صلى الله عليه وسلم إلى أجل معلوم فمعناه العلم بالأجل للأجل نفسه. وفائدة العدول من البيع إلى السلم الحال هو جواز العقد مع غيبة المبيع فإن المبيع إذا لم يكن حاضرًا مرئيًّا لا يصح عند الشافعية، وإن أخر العقد لإحضاره فربما تلف وربما لا يتمكن المشتري من الحصول عليه كما لا يتمكن من فسخ العقد لأن العقد متعلق بالذمة وما ثبت بالذمة يلزم العاقد به (٣) ولقد اتفق الفقهاء على أن الأجل لابد أن يكون معلومًا لقوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: ٢٨٢] .


(١) المبسوط: ١٢/١٢٥، والبدائع: ٥/٢١٢، وفتح القدير: ٥/٣٥٥.
(٢) المنتقى، للباجي: ٤/٢٩٧
(٣) المهذب: ١/٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>