للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقول الرسول في الحديث المتقدم إلى أجل معلوم ولأنه بتعريف الأجل يتحدد الوقت الذي يقع فيه قضاء المسلم فيه فإذا جهل الأجل وقع رب السلم في الغرر وبعد ما اتفقوا على وجوب معرفة الأجل اختلفوا في كيفية العلم به، قالت الحنفية والشافعية والحنابلة: لابد من تحديد زمن بعينه لا يختلف فلا يصح التأجيل للحصاد والدارس والنيروز وهو اليوم الأول من السنة القبطية وهو أول الربيع والمهجران وهو أول الخريف وقدوم الحاج ونحو ذلك كالصيف والشتاء وحجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إلى أجل معلوم والتحديد بهذه الأوقات غير معلوم ومثير للنزاع حيث أنه يتقدم ويتأخر ويقرب ويبعد وزادوا فأكدوا ذلك بما رواه البيهقي في كتاب المعرفة من طريق الشافعي عن ابن عباس أنه قال: لا تبيعوا إلى العطاء ولا إلى الأندر ولا إلى الدياس ولا تتبايعوا إلا إلى شهر معلوم (١) أما المالكية فقالوا بجواز السلم إلى هذه الأوقات ويعتبر ذلك ميقاتها وهو الوقت الذي يحصل فيه غالب ما ذكر وهو وسط الوقت المعد لها الذي يغلب فيه الوقوع وحجتهم أن هذا أجل يتعلق بوقت من الزمن يعرف في العادة ولا يتفاوت فيه تفاوتًا كثيرًا فأشبه ما إذا قال إلى رأس السنة وضرب الأجل شرط في السلم وبعكسه الاستصناع فمن الحنفية من يرى أنه يشترط في عقد الاستصناع خلوه من الأجل وكلما ذكر الأجل في الاستصناع انقلب إلى سلم واعتبرت فيه شروط السلم (٢) واستدل على اشتراط عدم ضرب الأجل في الاستصناع بأن السلم عقد على مبيع في الذمة مؤجلًا فإذا ضرب الأجل في الاستصناع صار بمعنى السلم وأخذ حكمه،


(١) العطاء: المناولة ـ والإنذار: البيدر أو المكدس من القمح ـ والدياس هو دوس الحب بالقدم ونحوه لينقشر. راجع: نصب الراية ٤/٢١.
(٢) البدائع: ٦/٢٦٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>