للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث

حكم السلم في الصناعات

إذا عين المعمول منه دون العامل

(أ) يرى المذهب أنه إذا عين المسلم (المستصنع) المعمول منه، دون العامل فإنه لا يصح السلم عند المالكية أيضا (خلافا لأشهب) .

وذلك لأن المسلم فيه (المثمن) لا بد من أن يكون دينا في الذمة، ولا يصلح أن يكون معينا، فإذا عين كما في هذه الصورة فإنه لا يصح السلم.

وإذا لم يصح السلم فإنه يكون أيضا من باب البيع والإجارة في المبيع – على الوجه الذي ذكرناه في القسم الثاني – إلا أنه يجوز على تعجيل العمل وتأخيره إلى نحو ثلاثة أيام، بتعجيل النقد وتأخيره.

(ب) ويرى أشهب جواز السلم إذ أن تعيين المعمول منه، أو العامل لا يضر في السلم، وهنا عين المعمول منه، فلا يضر ذلك ويصح السلم فيه.

القسم الرابع

حكم السلم في الصناعات إذا عين العامل فقط

إذا عين المستصنع العامل فقط دون المعمول منه، كأن يقول له:

أن يكون الصانع فلانا من الناس، فقد اختلف في حكم هذه الصورة أيضا.

(أ) يرى المذهب المالكي: (خلافًا لأشهب) أنه لا يصح السلم إذا عين العامل. قال في المدونة: فإن شرط عمل رجل بعينه لم يجز، وإن نقده، لأنه لا يدري أيسلم ذلك الرجل إلى ذلك الأجل أم لا، فذلك غرر. اهـ. وعلى هذا درج ابن رشد.

وقال ابن رشد: لا يجوز ذلك لأنه يحتويه أصلان متناقضان:

لزوم النقد لكون ما يعمل منه مصوغا، وامتناعه لاشترط عمل المستعمل بعينه (١)

(ب) ويرى أشهب جواز السلم في هذه الصورة أيضا لأن تعيين العامل أو المعمول منه لا يضر في السلم عنده.

وقد جاء في المدونة – في موضع آخر – ما يقتضي جواز السلم إذا عين العامل فقط، لقولها: من استأجر من يبني له دارا، على أن الجص والآجر من عند الأجير جاز، وهو قول ابن بشير. اهـ موّاق.

وهذه الصورة الواردة في المدونة تفتح بابًا لجواز عقد المقاولة، والذي بمقتضاه يقوم المقاول بالقيام بالعمل ومادة العمل من عنده هو رأي المقاول – وما على الطرف الآخر إلا أن يتسلم المعقود عليه كاملا في مقابل ما دفعه من الثمن.


(١) المقدمات، لابن رشد: ٢/١٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>