للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث

صور أخرى في هذا الموطن

أثار علماء المالكية عدة صور تتعلق بموضوع بحثنا بينوها ووضحوا حكمها، وهي:

الصورة الأولى: أن يجد صانعا يصنع شيئا من مادة يملكها، فقال له: (أكمله لي على صفة كذا بدينار) . وهي مسألة (وتور ليكمل) (١) .

ففي هذه الصورة:

نجد أن المادة المصنعة ملك للصانع.

وأن الصانع بدأ في تصنيعها.

وأن المشتري رأي ما يصنعه في المرحلة الأولى.

ثم طلب المشتري من البائع أن يكملها له، وحدد الصفة الخاصة التي يبتغيها، وحدد الثمن لهذا الشيء والمصنع.

ففي هذه الصورة وقع العقد على المصنوع على وجه السلم، ولم يدخل المعمول منه في ملك المشتري.

حكمها:

يرى المالكية جواز هذا البيع، ولكن بشرط أن يشرع الصانع في تكميله بالفعل أو بعد أيام قلائل، كخمسة عشر يوما فأقل، وإن لم يشرع في تكميله خلال هذه المدة منع هذا البيع، لما فيه من بيع معين يتأخر قبضه.

وكذلك يشترط أن يكون عند الصانع نفس المادة المصنعة – كالنحاس مثلا – بحيث إذا لم يأت المصنوع على الصفة المطلوبة كسره وأعاده، وكمله مما عنده من النحاس، فإن كان الشيء لا يمكن إعادته كالثياب.

فقد قال اللخمي: في مسألة شراء الثوب على أن يتم له نسجه إن مثل ذلك الثوب يشترط صبغه، وشراء العود على أن يعمله له تابوتا، هذا كله لا يجوز، لأنه مما يختلف خروجه، ولا يمكن أن يعاد لهيئته الأولى.

قال: فأما إن كان هذا المشتري المعين إذا شط على بائعه أن يعمله لا يختلف صفته إذا صنع فإنه جائز، قال وذلك كالذي يشتري القمح على أن يطحنه بائعه والزيتون على أن يعصره فيأخذ منه كيلا معلوما، وكذلك الثوب على أن يخيطه فهذا كله جائز.

وقال: لو لم يسلم في الغزل على أن ينسج، واشتراه على أنه إن خرج على ما وصفه أخذه ونقد الثمن، وإن خرج على غير ذلك كان لبائعه جاز. اهـ.

انظر على هذا بالنسبة إلى الحرار يكون الثوب بيده يعمله فيشتريه منه التاجر على أن يكمله له على هذا المأخذ.


(١) حاشية الدسوقي: ٣/٢١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>