في هذه الصورة يكون سلما يجري عليه حكمه، فلا يجوز إلا بوصف العمل وضرب الأجل، وتقديم رأس المال.
قال في المدونة: من استصنع طستا أو قلنسوة أو خفا أو غير ذلك مما يعمل في الأسواق بصفة معلومة، فإن كان مضمونا إلى مثل أجل السلم، ولم يشترط عمل رجل بعينه، ولا شيئا بعينه يعمله منه، جاز ذلك إذا قدم رأس المال مكانه، أو إلى يوم أو يومين، فإن ضرب لرأس المال (الثمن) أجلا بعيدا لم يجز، وصار دينا بدين.
القسم الثاني
حكم السلم في الصناعات
إذا عين الشيء المعمول منه والعامل
وقد ضرب المذهب أمثلة لهذا القسم بما إذا قال المستصنع للصانع اعمل من هذا الحديد بعينه، أو من هذا الخشب بعينه، أو من هذا الغزل بعينه، قوسا أو بابا صفته كذا ...
حكم هذا القسم:
(أ) يرى المذهب المالكي (خلافا لأِشهب) فساد السلم في هذا القسم لأن المعمول منه ليس دينا في الذمة، ومن شروط صحة السلم أن يكون المسلم فيه (المثمن) دينا في الذمة.
إذ السلم بالاتفاق (بيع شيء موصوف في الذمة) .
وإذا لم يكن سلما فإنه يكون من باب البيع والإجارة في الشيء المبيع ... فإن كان يعرف وجه خروج الشيء من العمل، أو تمكن إعادته للعمل (كالنحاس)" وعمل غيره من الشيء المعين منه العمل فيجوز على أن يشرع في العمل، وعلى أن يؤخر الشروع في العمل بشرط ما بينه وبين ثلاثة أيام أو نحو ذلك ... فإن كان على أن يشرع في العمل جاز ذلك بشرط تعجيل النقد وتأخيره وإن كان على أن يتأخر الشروع في العمل إلى الثلاثة أيام ونحوها لم يجز تعجيل النقد بشرط ... حتى يشرع في العمل.
فإن انتفى معرفة وجه خروج الشيء من العمل (صفته من كونه جيدا أو رديئا) أو إمكان إعادته فلا يجوز.
(ب) يرى أشهب جواز السلم إذا عين المعمول منه أو العامل حيث قال: (إن تعيين المعمول منه أو العامل لا يضر في السلم " (١) .