للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني

في السلم في الصناعات

لقد نص علماء المالكية على أن استصناع شيء معين – كاستصناع سيف أو ركاب من حداد، أو سرج من سروجي، أو ثوب من حياك، أو باب من نجار – على صفة معلومة بثمن معلوم، وهو سلم تشترط فيه شروط السلم (١) على الوجه الذي سنبينه.

ويستوي في هذه الصورة أن يكون الصانع المعقود مع دائم العمل، أو غير دائم العمل (٢) .

شروط صحة السلم في الصناعات:

بينَّا آنفا أن استصناع السيف والسرج ونحوهما سلم، سواءً كان الصانع المعقود معه دائم العمل أو غير دائم العمل، كأن تقول لإنسان اصنع لي سيفا أو سرجا صفته كذا بدينار، فقبل، فإنه يشترط لصحته تعجيل رأس المال، وضرب الأجل، وألا يعين العامل، ولا المعمول منه.

* أما فساد السلم بعدم تعجيل رأس المال، فذلك حتى لا يصير بيع كالئ بكالئ، وهو منهي عنه.

* أما فساده بعدم ضرب الأجل، فذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم " [رواه البخاري ومسلم] .

* وأما فساده بتعيين العامل والمعمول منه أو أحدهما فلاعتبارات نبينها فيما يأتي نظرًا لاختلاف الآراء في هذا الحكم في كل صورة منها، مما يقتضي منا فصل كل صورة عن الأخرى.

مع النص مقدما على أن الرأي السائد في المذهب هو فساد هذا السلم إذا عين العامل، أو المعمول منه، أو هما معا بالأولى، وصحته إذا لم يعينهما أو أحدهما وذلك أربعة أقسام نعرضها فيما يلي:


(١) وشروط السلم عند المالكية إجمالا هي: * الأول: تسليم رأس المال (حلوله) (ورأس المال هو الثمن أو السلم) للنهي عن الكالئ بالكالئ. * الثاني: أن يكون المسلم فيه (وهو السلعة المؤخرة – الثمن -) دينا. * الثالث: أن يكون المسلم فيه مؤجلا إلى أجل معلوم. * الرابع: أن يكون المسلم فيه مقدورا على تسليمه عند المحل. * الخامس: أن يكون المسلم فيه معلوم المقدار. * السادس: أن يكون المسلم فيه معلوم الأوصاف.
(٢) الدسوقي: ٣/٢١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>