أما المالكية: فيجعلونه لازما، إذ هو بيع كما صرح المذهب (والشراء من دائم العمل كالخباز وهو بيع .... ولا يكون إلا بأمر معلوم يسمى ما يأخذ كل يوم، ويشرع في الأخذ (ويجوز التأخر في الشروع لعشرة أيام) ويتأخر الثمن جميعه إلى العطاء) .
والقول باللزوم في عقود المعاوضات هو الذي أراه راجحا، منعا من النكوص عن الوفاء بما أوجبه العقد عند التغير الذي يحدث عادة في الأسواق من جراء رواج سلعة أو نفاذها، أو من تبدل الرغبات فيها أو من إغراق السوق ببديل أفضل أو ما إلى ذلك، مما يؤدي إلى الإضرار بأحد المتعاقدين عند التراجع عن العقد والعدول عن الصفقة.
الصورة الثانية:
الشراء من غير دائم العمل لسلعة تصنع هو سلم:
نص المذهب المالكي على أن شراء سلعة تصنع من غير دائم العمل هو سلم يأخذ. أحكامه فلا يعين العامل ولا المعمول منه، ويكون دينا في الذمة.
وقد مثلوا له بما إذا عقد على قنطار خبز يؤخذ من المسلم إليه بعد شهر قدره – وصفته كذا.
ثم أوضح الدسوقي أن غير دائم العمل هو من كان انقطاعه أكثر من عمله أو تساوى عمله وانقطاعه (١) .
وحكم هذه الصورة:
أن الشراء من غير دائم العمل جائز، وهو سلم يشترط فيه ما يشترط في السلم من تعجيل رأس المال، وضرب الأجل، وعدم تعيين العامل، والمعمول منه، فإن عُيِّنا أو أحدهما كان فاسدا.
وسيأتي لنا في الصور التالية رأي أشهب في جواز السلم إذا عين العامل والمعمول منه حيث قال:(وإن تعيين المعمول منه أو العامل لا يضر في السلم) .
وبناء على ذلك يصح شراء سلعة تصنع من غير دائم العمل، مطلقا سواء عين المعمول منه بأن قال من هذا النحاس بعينه – أو عين العامل – بأن قال من صنعة فلان من الناس أو عينهما.