للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول أبي يوسف أن الصانع يتضرر بإثبات الخيار للمستصنع مسلم، ولكن ضرر المستصنع بإبطال الخيار فوق ضرر الصانع بإثبات الخيار للمستصنع، لأن المصنوع إذا لم يلائمه وطولب بثمنه لا يمكنه بيع المصنوع من غيره بقيمة مثله، ولا يتعذر ذلك على الصانع لكثرة ممارسته وانتصابه لذلك، ولأن المستصنع إذا غرم ثمنه ولم تندفع حاجته لم يحصل ما شرع له الاستصناع وهو اندفاع حاجته، فلا بد من إثبات الخيار له، والله سبحانه وتعالى الموفق.

فإن سلم إلى حدادٍ حديدًا ليعمل له إناء معلومًا بأجر معلوم، أو جلدًا إلى خفاف ليعمل له خفًّا معلومًا بأجر معلوم، فذلك جائز ولا خيار فيه، لأن هذا ليس باستصناع بل هو استئجار، فكان جائزًا فإن عمل كما أمر استحق الأجر، وإن أفسد فله أن يضمنه حديدًا مثله، لأنه لما أفسده فكأنه أخذ حديدًا له، واتخذ منه آنية من غير إذنه، والإناء للصانع لأن المضمونات تملك بالضمان) . اهـ.

(البدائع: ٥/٣ – ٤، وراجع ما كتبه أيضًا في ص٢٠٩، ٢١٠) .

وقال السمرقندي في تفسير الاستصناع:

"وهو عقد غير لازم، ولكل واحد منهما الخيار في الامتناع قبل العمل، وبعد الفراغ من العمل: لهما الخيارن حتى إن الصانع لو باعه قبل أن يراه جاز لأنه ليس بعقد لازم.

فأما إذا جاء به إلى المستصنع فقد سقط خياره، لأنه رضًى بكونه للمستصنع، حيث جاء به إليه.

فإذا رآه المستصنع فله الخيار: إن شاء أجاز، وإن شاء فسخ عند أبي حنيفة ومحمد.

وقال أبو يوسف: لا خيار له، لأنه مبيع في الذمة بمنزلة السلم.

وهما يقولان: إنه بمنزلة العين المبيع الغائب.

(تحفة الفقهاء: ٢/٥٣٨ – ٥٣٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>