وقال السمرقندي في تحفة الفقهاء (٢/٥٣٩) : "فإذا ضرب الأجل في الاستصناع ينقلب سلمًا عند أبي حنيفة، خلافًا لهما، لأنه إذا ذكر فيه الأجل يكون فيه جميع معاني السلم، والعبرة للمعنى لا للفظ، ولهذا لو استصنع ما لا يجوز استصناعه حتى يكون استصناعًا فاسدًا، وشرط فيه الأجل: ينقلب سلمًا بلا خلاف – كذا هذا، والله أعلم) .
وقال صاحب الهداية: (ولو ضرب الأجل فيما فيه تعامل يصير سلمًا عند أبي حنيفة خلافًا لهما، ولو ضربه فيما لا تعامل فيه يصير سلمًا بالاتفاق". (انظر فتح القدير: ٦/٢٤٤) .
وقال صاحب الكفاية في شرح ما سبق:(قوله: لأنه لو ضرب الأجل فيه تعامل يصير سلمًا عند أبي حنيفة – رحمه الله) فيشترط فيه شرائط السلم من قبض رأس المال في المجلس، وعدم الخيار لرب السلم إذا أتى بالمصنوع على الوصف الذي وصفه.
والمراد الأجل الذي يضرب للسلم، فقال في المبسوط: هذا إذا ذكر المدة على سبيل الاستمهال، أما إذا كان على سبيل الاستعجال بأن قال: على أن يفرغ عنه غدًا أو بعد غدٍ فهذا لا يكون سلمًا، لأن ذكر المدة للفراغ من العمل لا لتأجيل المطالبة بالتسليم، ألا ترى أنه ذكر أدنى مدة يمكنه الفراغ فيها من العمل؟ ويحكى عن الهندواني أن ذكر المدة من قبل المستصنع فهو الاستعجال فلا يصير به سلمًا.
وإن كان الصانع هو الذي ذكر المدة فهو سلم لأنه يذكره على سبيل الاستمهال. وقيل: إن ذكر أدنى مدة يتمكن فيها من العمل فهو استصناع، وإن كان أكثر من ذلك فهو سلم، لأن ذلك لا يختلف باختلاف الأعمال، فلا يمكن تقديره بشيء معلوم) . اهـ.
ومن هذا نرى أن الحنفية يشترطون لجواز الاستصناع ما يأتي:
١- بيان جنس المستصنع، ونوعه، وقدره، وصفته، لأنه لا يصير معلومًا بدون هذا البيان. وهذا الشرط لا ينفردون به، حيث إنه من شروط السلم.
٢- أن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس.
٣- ألا يكون فيه أجل، وهذا قول أبي حنيفة، وخالفه الصاحبان، وفي المذهب أقوال تتصل بهذا الشرط كما يظهر مما نقل من كتبهم.
ويلاحظ عند ذكر الأجل فيما يجري فيه التعامل – أن رأي الإمام أبي حنيفة لا يختلف عن السلم في الصناعات عند المالكية.