للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقع توثيق الدين بين مقاصد الشريعة:

٤ – لقد ثبت بالاستقراء والتتبع للأحكام الشرعية وغاياتها أن المولى عز وجل قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية على وجه لا يختل لها به نظام، لا بحسب الكل ولا بحسب الجزء، وسواء في ذلك ما كان من قبيل الضروريات أو الحاجيات أو التحسينات (١) .

وقد ذكر الإمام الشاطبي في " الموافقات " أن توثيق الدين يعد من قبيل التكملة والتتمة لمصلحة ضرورية أو حاجية، وذلك حسب اعتبار المعاملة المنشئة للدين المراد توثيقه وما تقتضيه.. فإن كانت داخلة تحت الضروريات لتوقف المحافظة على إحدى المصالح الضرورية – وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال – عليها، فإن توثيق الدين في هذه الحالة يعد من قبيل مكملات الضروريات.

أما إذا كانت تلك المعاملة المنشئة للدين معتبرة من قبيل الحاجيات، لكون المقصود بها دفع الحرج والعنت والمشقة عن المكلف وحسب، فإن توثيق الدين في هذه الحالة يعد من مكملات الحاجيات.

هذا، وحيث إن المجتهد قد يتردد في إلحاق بعض المعاملات بالمصالح الضرورية أو الحاجية، على حسب الأحوال والاعتبارات، فإنه تبعًا لذلك قد يتردد في اعتبار توثيق الدين مكملًا لمصلحة ضرورية أو مكملًا لمصلحة حاجية (٢) .

طرق توثيق الدين:

٥ – يحتاج الدائن في أكثر الظروف والأحوال إلى أن يستوثق لدينه، وذلك خوفًا من ضياعه أو جحوده أو نسيانه أو العجز عن استيفائه، وطرق توثيق الدين عند الفقهاء أربعة: البينة الخطية (الكتابة) ، والبينة الشخصية (الشهادة) ، والكفالة،والرهن (٣) ، وسنتناول بالبيان كل واحد منها في فصل مستقل.


(١) الموافقات، للشاطبي ٢/٣٧.
(٢) الموافقات: ٢/١٢، ١٣.
(٣) أحكام القرآن، لإليكا الهراسي: ١/٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>