للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين التوثيق والإثبات:

٣ – ويلاحظ من مفهوم " توثيق الدين " هذا وجود علاقة بينه وبين " إثبات الدين " وذلك لأن فائدة التوثيق الأساسية هي إثبات الحق المتنازع فيه أمام القضاء، ولأن التوثيق ليس إلا إعدادًا مقدمًا للإثبات، ولأن التوثيق والإثبات كلاهما يهدف إلى غاية واحدة ويرمي إلى مقصد واحد، وهو حماية الحقوق، ومنع التلاعب بها، والقضاء بها لأصحابها، وقطع دابر المنازعة والخصومة بين الناس.. غير أن بينهما فرقين مهمين:

أحدهما: أن التوثيق يعتبر مقدمة للإثبات حيث إنه يوجد عند إنشاء التصرف المقتضي ثبوت الدين في الذمة ولهذا فهو يسبق الإثبات بينما يكون الإثبات لاحقًا به، وقائمًا عليه، ومرتكزًا على أساسه، ومترتبًا على وجوده.

والثاني: أن توثيق الدين بالطرق التي تقوِّيه وتؤكده وتحكمه يمثل بعض وسائل إثبات الدين لا كلها، حيث إن للإثبات، طرقًا أخرى تعتبر حججًا معتبرة يحكم بموجبها في القضاء.

وعلى هذا فيعتبر " توثيق الدين " حادثًا سببًا مولدًا للإثبات المعتمد عليه فحسب، وبينه وبين الإثبات الحاصل به ما بين المؤثر والأثر من العلاقة واختلاف المفهوم.

(والأمر الثاني) تثبيت حق الدائن فيما يكون له في ذمة المدين من مال وإحكامه بحيث يتمكن عند امتناع المدين عن الوفاء – لأي سبب من الأسباب – من استيفاء دينه من شخص ثالث يكفل المدين بماله أو من عين مالية يتعلق بها حق الدائن وتكون رهينة بدينه.

ويلاحظ من مفهوم التوثيق هذا أن تقوية وتأكيد حق الدائن في دينه لا يرجع إلى اعتماده على وسيلة إثبات يحتج بها أمام القضاء للوصول إلى حقه كما هو الشأن في الإطلاق الأول، ولكنه يرجع إلى اعتماده على وثيقة تضمن حق الدائن ويستطيع استيفاءه منها، وهي الكفيل أو الرهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>