للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشير بها، لكثرة خصومتهم واختلافهم. وذكر خارجة بن زيد: أن زيدا لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا فيتبين الأحمر من الأصفر. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود إلى قوله: خصومتهما " وروى أحمد في المسند عنه قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونحن نتبايع الثمار قبل أن يبدو صلاحهما». فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم خصومة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: إن هؤلاء ابتاعوا الثمار يقولون: أصابنا الدمان والقشام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلا تبايعوها حتى يبدو صلاح (١)».

فقد أخبر أن سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك: ما أفضت إليه من الخصام وهكذا بيوع الغرر، وقد ثبت نهيه عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها في الصحيحين، من حديث ابن عمر وابن عباس وجابر وأنس، وفي مسلم من حديث أبي هريرة، وفي حديث أنس تعليله، ففي الصحيحين عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، قيل: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر أو تصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ (٢)»، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الثمر حتى يزهو (٣)»، فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر وتصفر، أرأيت إن منع الله الثمرة، بم تستحل مال أخيك ".

قال أبو مسعود الدمشقي: جعل مالك والدراوردي قول أنس: «أرأيت إن منع الله الثمرة (٤)» من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أدرجاه فيه، ويرون أنه غلط.

فهذا التعليل - سواء كان من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام أنس - فيه بيان أن في ذلك أكل المال بالباطل، حيث أخذه في عقد معاوضة بلا عوض مضمون.


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٣٧٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٩٠).
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢١٩٩)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٥٥)، سنن النسائي البيوع (٤٥٢٦)، موطأ مالك البيوع (١٣٠٤).
(٣) صحيح البخاري البيوع (٢١٩٧)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٥٥)، سنن النسائي البيوع (٤٥٢٦)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢١٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٦١)، موطأ مالك البيوع (١٣٠٤).
(٤) صحيح البخاري البيوع (٢٢٠٨)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٥٥)، سنن النسائي البيوع (٤٥٢٦)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢١٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٥٠)، موطأ مالك البيوع (١٣٠٤).