للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رفعه: إزالته بعد نزوله. ودفعه: منعه قبل نزوله.

قال: وقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} (١) قال ابن كثير: أي لا تستطيع شيئا من الأمر: {قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} (٢) أي: الله كافي من توكل عليه: {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} (٣) كما قال هود عليه الصلاة والسلام حين قال قومه: {إِنْ نَقُولُ إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُون} (٤) {مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ} (٥) {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٦) قال مقاتل في معنى الآية: فسألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكتوا: أي لأنهم لا يعتقدون ذلك فيها.

وإنما كانوا يدعونها على معنى أنها وسائط وشفعاء عن الله، لا على أنهم يكشفون الضر، ويجيبون دعاء المضطر، فهم يعلمون أن ذلك لله وحده، كما قال تعالى: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (٧) {ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} (٨).

قلت: فهذه الآية وأمثالها تبطل تعلق القلب بغير الله في جلب نفع أو دفع ضر، وإن ذلك شرك بالله، وفي الآية بيان أن الله تعالى وسم أهل الشرك بدعوة غير الله والرغبة إليه من دون الله. والتوحيد ضد ذلك. وهو أن لا يدعو إلا الله، ولا يرغب إلا إليه، ولا يتوكل إلا عليه، كذا جميع أنواع العبادة لا يصلح منها شيء لغير الله. كما دل على ذلك الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة وأئمتها، كما تقدم.

قال: " وعن عمران بن حصين، «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا في يده حلقة


(١) سورة الزمر الآية ٣٨
(٢) سورة الزمر الآية ٣٨
(٣) سورة الزمر الآية ٣٨
(٤) سورة هود الآية ٥٤
(٥) سورة هود الآية ٥٥
(٦) سورة هود الآية ٥٦
(٧) سورة النحل الآية ٥٣
(٨) سورة النحل الآية ٥٤