للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال البهوتي: والحج من السبيل أيضا، روي عن ابن عباس وابن عمر؛ لما روي أبو داود أن رجلا جعل ناقته في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - اركبيها فإن الحج من سبيل الله فيأخذ إن كان فقيرا من الزكاة ما يؤدي به فرض حج أو فرض عمرة أو يستعين به فيه أي في فرض الحج والعمرة؛ لأنه يحتاج إلى إسقاط الفرض، وأما التطوع فله عنه مندوحه، وذكر القاضي جوازه في النفل كالفرض وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي وصححه بعضهم؛ لأن كلا من سبيل الله، والفقير لا فرض عليه فهو منه كالتطوع. اهـ (١).

* * *

وقال النووي - ناسبا القول بكون الحج من سبيل الله إلى الإمام أحمد - ما نصه: وقال أحمد رحمه الله تعالى في أصح الروايتين عنه: يجوز صرفه إلى مريد الحج. وروي مثله عن ابن عمر رضي الله عنهما. واستدل له بحديث أم معقل الصحابية رضي الله عنها قالت: «لما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع وكان لنا جعل فجعله أبو معقل في سبيل الله وأصابنا مرض فهلك أبو معقل وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ من حجه جئته فقال: يا أم معقل ما منعك أن تخرجي معنا؟ قالت قلت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: فهلا خرجت عليه فإن الحج في سبيل الله (٢)».

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج فقالت امرأة لزوجها: أحججني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عندي ما أحججك عليه، فقالت: احججني على جملك فلان قال: ذلك حبيس في سبيل الله عز وجل. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله إنها سألتني الحج معك قالت: أحججني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ما عندي ما أحججك عليه. فقالت: أحججني على جملك فلان، فقلت: ذلك حبيس في سبيل الله، فقال: أما إنك لو حججتها عليه كان في سبيل الله وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقرئها السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وأخبرها أنها تعدل حجة يعني عمرة في رمضان (٣)» رواهما أبو داود في سننه في أواخر كتاب الحج في باب العمرة، والثاني إسناده صحيح، وأما الأول حديث أم معقل فهو من رواية محمد بن إسحاق، وقال فيه: وهو مدلس إذا قال: عن، لا يحتج به بالاتفاق. اهـ (٤).


(١) كشاف القناع من متن الإقناع جـ ٢ ص ٢٥٦.
(٢) سنن أبو داود المناسك (١٩٨٩).
(٣) سنن أبو داود المناسك (١٩٩٠).
(٤) المجموع جـ ٦ ص ٢١٢ ـ ٢١٣ المطبعة المنيرية.