للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي آية النجوى دلالة على أنه عالم بهم، انتهى. وذكر في "شرح حديث النزول " قول الله تعالى في سورة الحديد: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (١) وقوله تعالى في سورة المجادلة: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (٢) ثم قال: وقد ثبت عن السلف أنهم قالوا: هو معهم بعلمه.

وقد ذكر ابن عبد البر وغيره أن هذا إجماع من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله، وهو مأثور عن ابن عباس والضحاك ومقاتل بن حيان وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وغيرهم، ثم ذكر ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} (٣) قال: هو على العرش، وعلمه معهم. قال: وروي عن سفيان الثوري أنه قال: علمه معهم، وروي أيضا عن الضحاك بن مزاحم في قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} (٤) إلى قوله: {أَيْنَ مَا كَانُوا} (٥) قال: هو على العرش وعلمه معهم. ورواه بإسناد آخر عن مقاتل بن حيان، وهو ثقة في التفسير ليس بمجروح كما جرح مقاتل بن سليمان.

وذكر أيضا ما رواه عبد الله بن أحمد عن الضحاك في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (٦) قال: هو على العرش، وعلمه معهم، وروي أيضا عن سفيان الثوري في قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٧) قال: علمه. وذكر أيضا ما رواه حنبل بن إسحاق في كتاب "السنة" قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل ما معنى قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٨) و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} (٩) إلى قوله: {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (١٠) قال: علمه، عالم الغيب والشهادة، محيط بكل شيء، شاهد علام الغيوب، يعلم الغيب. ربنا على العرش بلا حد ولا صفة، وسع كرسيه السماوات والأرض.

قلت: قوله: بلا حد ولا صفة معناه: أنه لا يحد استواء الرب على العرش، ولا توصف كيفيته، كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس: الاستواء معلوم والكيف غير معقول، قال شيخ الإسلام: وأيضا فإنه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم، فكان السياق يدل على أنه أراد أنه عالم بهم، ثم ذكر أن لفظ المعية في اللغة - وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة - فهو إذا كان مع العباد لم يناف ذلك علوه على عرشه، ويكون حكم معيته في كل موطن بحسبه، فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان، ويخص بعضهم بالإعانة والنصر والتأييد. انتهى.


(١) سورة الحديد الآية ٤
(٢) سورة المجادلة الآية ٧
(٣) سورة الحديد الآية ٤
(٤) سورة المجادلة الآية ٧
(٥) سورة المجادلة الآية ٧
(٦) سورة المجادلة الآية ٧
(٧) سورة الحديد الآية ٤
(٨) سورة الحديد الآية ٤
(٩) سورة المجادلة الآية ٧
(١٠) سورة المجادلة الآية ٧