للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي وليس كذلك كما مر، وأجيب بعدم تسليم أن تقديم اليمنى تم بالاجتهاد بل بالنص، لما مر أنه قرئ شاذا "فاقطعوا أيمانهما"، وأن القراءة الشاذة كخبر الواحد. وينبغي كما قاله الأذرعي مجيء ما مر في السرقة هنا من توقف القطع على طلب المالك، وعلى عدم دعوى التملك ونحوه من المسقطات، فقد قال البلقيني: إنه القياس، وفي الأم ما يقتضيه ولا بد من انتفاء الشبهة كما في التنبيه، ويحسم موضع القطع كما في السارق، ويجوز أن تحسم اليد ثم تقطع الرجل، وأن يقطعا جميعا ثم يحسما، فإن فقدتا قبل الأخذ أو عاد ثانيا بعد قطعهما إلى أخذ المال فيسراه ويمناه يقطعان للآية، (وإن قتل) قتلا يوجب القود ولو بسراية جرح مات منه بعد أيام قبل الظفر به والتوبة، قتل حتما؛ لأن المحاربة تفيد زيادة ولا زيادة هنا إلا التحتم فلا يسقط بعفو مستحق القود، ويستوفيه الإمام؛ لأنه حقه تعالى.

قال البندنيجي: وإنما يتحتم، إن قتل لأخذ المال واعتمده البلقيني وهو الأوجه، (وإن قتل) قتلا يوجب القود (وأخذ مالا) يقطع به في السرقة، كما دل عليه كلامهما، وإن نازع فيه البلقيني قتل بلا قطع ثم غسل كفن وصلي عليه، ثم صلب مكفنا معترضا على نحو خشبة، ولا يقدم الصلب على القتل لكونه زيادة تعذيب ثلاثا من الأيام بلياليها وجوبا، ولا تجوز الزيادة عليها ليشتهر الحال ويتم النكال، وحذف التاء لحذف المعدود سائغ، ثم ينزل إن لم يخف تغيره قبلها وإلا أنزل حينئذ.

قال الأذرعي: وكان المراد بالتغير هنا الانفجار ونحوه، وإلا فمتى حبست جيفة الميت ثلاثا حصل النتن والتغير غالبا، وقيل: يبقى وجوبا حتى يتهرى ويسيل صديده تغليظا عليه. ومحل قتله وصلبه محل محاربته إلا أن لا يكون محل مرور الناس فأقرب محل إليه.

وظاهر أن هذا مندوب لا واجب، وفي قول يصلب حيا قليلا ثم ينزل فيقتل؛ لأن الصلب عقوبة فيفعل به حيا، واعتراض قوله قليلا بأنه زيادة لم تحك عن هذا القول، فإن أريد به ثلاثة أيام كان أحد أوجه ثلاثة مفرعة على هذا القول لا أنه من جملته. ويجاب: بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، فإذا حفظا أن قليلا من جملة هذا القول قدما، ثم الذي يتجه أن المراد به أدنى زمن ينزجر به عرفا غيره.

وافهم ترتيبه الصلب على القتل أنه يسقط بموته حتف أنفه، وبقتله بغير هذه الجهة كقود في غير المحاربة؛ إذ التابع يسقط بسقوط متبوعه، وبما تقرر فسر ابن عباس - رضي الله عنهما - الآية فإنه جعل (أو) فيها للتنويع لا للتخيير، حيث قال: المعنى أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا مع ذلك إن قتلوا وأخذوا المال، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوه فقط،