للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على دين إبراهيم فلما طال الأمد وبعدوا عن زمن النبوة كثر فيهم الجهل، واتبعوا كل ناعق، فظهر فيهم عمرو بن لحي الخزاعي، ودعا إلى عبادة الأصنام.

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، فكان أول من سيّب السوائب» (١) وفي لفظ «وغيَّر دين إبراهيم»، وفي لفظ عند ابن إسحاق: «فكان أول من غير دين إبراهيم ونصب الأوثان» (٢).

أما تفصيل كيفية بداية عبادة الأصنام عند العرب فهو ما ذكره المؤرخون: أنه لما كثر أولاد إسماعيل بمكة حتى ملؤوها، ونفوا من كان فيها من العماليق، فضاقت عليهم فوقعت بينهم الحروب والعداوات وأخرج بعضهم بعضاً، فساحوا في البلاد لالتماس المعاش، فكان أحدهم إذا أراد أن يظعن من مكة احتمل حجرًا من حجارة الحرم تعظيمًا للحرم، فحيث ما حلوا وضعه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها وحبًّا، وهم مع ذلك على بقايا دين أبيهم


(١) البخاري، كتاب المناقب، باب قصة خزاعة رقم (٣٣٣٣)، ومسلم (٧٣٧١)، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب النار يدخلها الجبارون رقم (٧٣٧١).
(٢) السيرة لابن هشام (١/ ٧٦).