للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" فالمفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور، فلا يذهب مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال " (١) بل يتبع الدليل ويتجه معه أنى اتجه فذلك عمل الراسخين في العلم (٢) و " لا خيرة لأحد المخلوقين مع قضاء الله عز وجل {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (٣) (٤)

والوسطية في الفتوى تقتضي العمل بما جاء الشرع فيه بالتيسير ورفع الحرج؛ لأنه ـ سبحانه ـ أعلم بخلقه وأدرى بما يصلحهم: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (٥).

ومما جاءت به الشريعة من التيسير ورفع الحرج: المسح على الخفين بدلا من غسل القدمين، والتيمم لعادم الماء أو العاجز عن استعماله، والقصر والجمع عند السفر وغيره مما ثبت في الكتاب والسنة.

كما ثبت نهي الإنسان عن التشديد على نفسه في مواضع، منها:

١ـ ترك الطيبات من الرزق والزينة التي أخرج الله لعباده، يقول الله


(١) الموافقات في أصول الشريعة ٤/ ٣٥٨.
(٢) الموافقات في أصول الشريعة ٢/ ٨٧، ٣/ ٧٧، قواعد التفسير ٢/ ٧٦٨.
(٣) سورة الأحزاب الآية ٣٦
(٤) قواعد الأحكام في مصالح الأنام ٦٥٤ (تحقيق: الدقر).
(٥) سورة الملك الآية ١٤