للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أ) فالناس يتفاوتون في مداركهم تفاوت وسائل الإدراك عندهم، وإذا كانت وسائل الإدراك سليمة صحيحة فإنها تدرك الشيء على حقيقته، وتميز بين الجميل والقبيح، والنافع والضار، وإذا كانت هذه الوسائل ضعيفة لسبب خلقي أو لسبب مرضي مزمن أو عارض فإنها لا تدرك الشيء على حقيقته ولا تميز بين الجميل والقبيح، ولا بين النافع والضار تمييزا صحيحا.

فمن أمراض العين ما يؤثر على الألوان في المبصرات فيراها على غير حقيقة لونها، وربما رأى الشخص شيئا في ضوء خافت أو على مسافة بعيدة فتصوره بغير صورته.

وقد يسمع الإنسان الكلام فيقع في سمعه حروف بعض الكلمات بأصوات أخرى فيفهم الكلام على غير معناه وإن كان حسب سمعه، يحدث هذا لضعف في حاسة السمع، أو لمرض يصيبها، أو لعبد مصدر الصوت عنه.

ب) وتتوقف صحة الإدراك على اعتدال المزاج، فإذا فسد المزاج وخرج عن سنن الاعتدال خرج العقل عن الصواب، ووقع في الخطأ.

فتفكير الإنسان في حال الرضا يختلف عن تفكيره في حال الغضب، وتفكيره في وقت راحته يختلف عن تفكيره في وقت تعبه، وتفكيره في أحواله المعتادة يختلف عن تفكيره في شدة الحزن أو الجوع أو الخوف.

والرغبة الجامحة ذات أثر فعال، يرى المرء في المال منفعة كبيرة في رخاء العيش والاستمتاع بالطيبات، والقدرة على الإنفاق، والوجاهة عند الناس، ويؤثر عليه في هذا عواطفه نحو أهله وولده حتى يتركهم أثرياء وتشتد رغبته في الحصول على المال فتحجب عنه طريق التفكير الصحيح في وجوه التكسب، فلا يقتصر على الكسب الحلال، وإنما يعمد في الحصول على المال إلى وسائل غير مشروعة من أي وجه كان، ويستبيح الكذب والغش وأكل المال بالباطل وسائر ما يحرز به كسبا يحقق له الثراء، فيعتدي على الآخرين بسلب أموالهم ويحرمهم من ثمار كدهم ويرى في ذلك منفعة له.

إن لاعوجاج الفكر واستقامته أعظم الأثر في التمييز بين النافع والضار وإن