للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعده تعالى بقوله سبحانه: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (١)، ولا يربأ برسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا النداء، فقد خوطب بما هو أشد منه في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (٢)، قال العلامة الألوسي رادا عليهم: " ولا يخفى أنه لا يندفع به سوء أدب الزمخشري في تعبيره، فإنه تعالى وإن كان له أن يخاطب حبيبه بما شاء، لكنا نحن لا نجري على ما عامله سبحانه به، بل يلزمنا الأدب والتعظيم لجنابه الكريم، ولو خاطب بعض الرعايا الوزير بما خاطبه به السلطان طرده الحجاب، وربما كان العقاب هو الجواب " (٣).

ولا جرم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد امتثل أمر ربه مع أصحابه رضي الله عنهم، فأحيوا ليلهم بالصلاة وقراءة القرآن، والدعاء والاستغفار، رافضين الدعة والرقاد، وجاهدوا أنفسهم في ذلك.

عن سعد بن هشام بن عامر قال: قلت- لعائشة رضي الله عنها-: «يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن، قال: فهمت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت، ثم بدا لي،


(١) سورة المزمل الآية ٥
(٢) سورة عبس الآية ١
(٣) روح المعاني ٢٩/ ١٠١، وانظر: حاشية الشهاب ٩/ ٣٠٤