للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عاشور: " نداء رابع خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم في شأن خاص به، هو بيان ما أحل له من الزوجات والسراري، وما يزيد عليه وما لا يزيد، مما بعضه تقرير لتشريع له سابق وبعضه تشريع له للمستقبل، ومما بعضه يتساوى فيه النبي عليه الصلاة والسلام مع الأمة وبعضه خاص به، أكرمه الله بخصوصيته مما هو توسعة عليه، أو مما روعي في تخصيصه به علو درجته " (١).

فالآية امتنان وتذكير بنعمه على نبيه صلى الله عليه وسلم، فإنه عز وجل قد اختار لرسوله عليه الصلاة والسلام الأفضل والأولى واستحبه بالأطيب الأزكى، كما اختصه بغير ذلك من الخصائص وآثره بما سوى ذلك، مما فيه رفعة قدره، وعلو منزلته، ومما جاء في الآية على وجه الإجمال:

قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (٢) أي: أعطيتهن مهورهن، وتسمية المهر في العقد أولى وأفضل من ترك التسمية، وسوق المهر إليها عاجلا أفضل من أن يسميه ويؤجله، وكان التعجيل ديدن السلف وسنتهم، لا يعرف بينهم غيره، وفي التعجيل بإعطاء المهر براءة الذمة وطيب النفس وأولى الناس بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) تفسير التحرير والتنوير ٢٢/ ٦٢.
(٢) سورة الأحزاب الآية ٥٠