للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالجهاد لرفع الظلم ولإزالة العقبات التي تقف في وجه الدعوة للإسلام، تلك الدعوة التي لا تكره أحدا على الدخول في هذا الدين، وإنما تدعو الناس إليه وتترك لهم الحرية الكاملة للاختيار (١).

إنها جهاد قام على الإنصاف، امتثل فيه الدعاة قول الله جل وعلا: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا} (٢).

فهو ليس حرب عدوان وظلم، ولا حرب تسلط واستعمار، ولا حرب سلب ونهب، ولكنه جهاد رحمة، له قواعده وآدابه، جمعها الصديق رضي الله عنه في وصيته لجيش أسامة وغيره، إذ قال: قفوا أوصكم بعشر، فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا، ولا شيخا كبيرا، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة، ولا بقرة، ولا بعيرا إلا لمأكله (٣).

إننا نحن المسلمين مقتنعون أتم القناعة بهذه الحقائق عن الإسلام وعن جند الدعوة، إلا أنه مما يلحظ أن هذه القناعة والتأثير امتدا إلى غير المسلمين أصلا الذين يحاولون أن يقللوا من هذا التأثير، ولكن الله تعالى أنطق أقواما منهم بهذه الحقائق وأجراها على


(١) انظر: قالوا عن الإسلام، خليل، مرجع سابق، ص٢٨٨
(٢) سورة المائدة الآية ٨
(٣) انظر: تاريخ الأمم والملوك، الطبري، جـ ٣، مرجع سابق، ص ٢٢٦، ٢٢٧.