للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس: في النتائج المترتبة على مخالفة المنهج الصحيح في الإنكار:

التزم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالطاعة المطلقة لله بقولهم: (سمعنا وأطعنا) وكان يطيع بعضهم بعضا، فها هو عمر ينقاد لأبي عبيدة ما لا ينقاد لغيره، وخفي عليهم بعض مسائل الفرائض وغيرها حتى تنازعوا فيها وهم مؤتلفون، كل منهم يقر الآخر على اجتهاده.

فلما كان في آخر خلافة عثمان زاد التغير والتوسع في الدنيا، وحدثت أنواع من الأعمال لم تكن على عهد عمر فحصل من بعض القلوب التنافر حتى قتل عثمان فصاروا في فتنة عظيمة، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (١)، فالفتنة إذا جاءت عمت الظالم والساكت عن نهي هذا الظالم وصار ذلك سببا لمنعهم كثير من الطيبات، وصاروا يختصمون في متعة الحج ونحوها مما لم تكن فيه خصومة على عهد عمر، فطائفة تمنع المتعة مطلقا كابن الزبير، وطائفة تمنع الفسخ كبني أمية وأكثر الناس، وصاروا يعاقبون من تمتع، وطائفة أخرى توجب المتعة، وكل منهم لا يقصد مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل خفي عليهم الحكم، وكان ذلك سبب ما حدث من الذنوب (٢) قال ابن العربي: فلما رفع الميزان. . . . أخذ الله القلوب


(١) سورة الأنفال الآية ٢٥
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية، ج ١٤ ص ١٥٧.