وممن قال بعرضية الورق النقد علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن آل سعدي، رحمه الله، فقد قال في فتاويه:(أنه يجب بها الواجبات الشرعية: كالزكاة، والنفقات، والكفارات المالية، ولكنه لم يجر عليها أحكام الربا كالنقدين؛ حيث علل ذلك بأن التعامل يقع على نفس القرطاس والورق، فهو المقصود لفظا ومعنى، وهو ليس ذهبا ولا فضة، فلا يدخل في أعيان الربا الستة، وهذا الورق، وإن اتصف بالثمنية كالنقدين، لكنه يخالفهما في ذاته ومعدنه، فلا يعطى حكم الذهب والفضة بإطلاق، كما أن أنواع الجواهر الثمينة لا يحكم لها بأحكام النقدين، وإلا لأدخلنا في كلام الشارع ما ليس منه.
والشيخ، كما يبدو، يرى علة الأعيان الربوية قاصرة، كما هو قول ابن عقيل من الحنابلة، والمشهور عند الحنابلة أن الوزن هو العلة، ولا يتحقق الوزن في النقد الورقي، فتعين أنه بمنزلة العروض والفلوس المعدنية يجوز التفاضل فيها ويحرم النسيئة (١)؛ فالورق النقدي مال متقوم مرغوب فيه مدخر، يخالف النقدين ذاتا ومعدنا، وهو ليس مكيلا ولا موزونا ولا من جنس الأعيان الربوية الستة.
ولكن إذا اعتبرنا الورق النقدي من عروض التجارة - فسيترتب على قولنا الأحكام التالية:
أ- عدم جواز السلم بها، فلا تكون رأس مال سلم عند من اشترط كونه نقدا؛ لأنها ليست أثمانا، وإنما هي عروض تجارة.
ب- عدم جريان الربا بنوعيه فيها، وتحرزهم من النسيئة إنما هو بسبب