للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أورد الدكتور الريس محاولة التوفيق بين فقهاء الحجاز والعراق في خلافهم حول أرطال الصاع، فنقل رأي المرحوم علي مبارك في: (الميزان في الأقيسة والأوزان) الذي يقول: والفرق الناتج بين علماء العراق وغيرهم نشأ عن كون العراقيين يعتبرون كمية الماء المظروف في المد والصاع، وغيرهم اعتبر كمية الحب التي يستوعبها هذان الكيلان (المد والصاع)، فالأرطال الثمانية توافق ما يستوعبه من الماء للغسل، والأرطال الخمسة والثلث توافق ما يستوعب الصاع من الحب، فلا خلاف، وهو تعليل مقبول إذا أثبته العلم، وبخاصة إن الماء للغسل هو جزء من التعليل في الحديث الذي استدل به الحنفية (١).

ثم يقول علي مبارك: إن الصاع ١/ ٣، ٥ رطل بالبغدادي، ولم يذكر العراقيون نوع رطلهم، فيبقى أن أرطالهم بابلية، وبما أن رطلين بابليين هما عين رطل وثلث بالبغدادي فالتقدير متساو بين الجميع.

ومما يؤكد هذا الرأي قول ابن عابدين في حاشية الدر المختار في محاولته التوفيق بين رأي أبي يوسف ١/ ٣، ٥ رطل، ورأي الطرفين (أبي حنيفة ومحمد) ٨ أرطال قال: لا خلاف؛ لأن الثاني أبا يوسف قدره برطل المدينة وهو: ٣٠ ثلاثون إستارا، والعراقي عشرون، وإذا قابلت ثمانية بالعراقي بخمسة وثلث بالمديني وجدتها سواء وهو الأشبه، لأن محمدا لم يذكر خلاف أبي يوسف ولو كان لذكره (٢).

وكاد تعليل ابن عابدين أن يوهمني بعدم وجود الفارق بين الأرطال الثمانية وبين الخمسة والثلث التي تشكل صاع الجمهور من خلال تعليله رطل المدينة بثلاثين إستارا، ورطل العراقيين عشرين إستارا فقمت بإجراء


(١) الخراج للريس ص٣١٤.
(٢) رد المحتار ابن عابدين ٢/ ٣٦٥