ولما رأى الفاروق حسن بلائهم ... وكان بما يأتي من الأمر أبصرا
فسن لهم ألفين فرضا وقد رأى ... ثلاث مئين فرض عك وحميرا (١)
وهذا يدل على أن الذين يسلمون من العجم، ويقاتلون مع المسلمين يمكن أن ينالوا أوفر العطاء، وأن يحتلوا أرفع المراكز.
وكان ذلك سنة سبع عشرة الهجرية.
جـ - وفي سنة إحدى وعشرين الهجرية شهد أبو موسى معركة نهاوند الحاسمة تحت لواء النعمان بن مقرن المزني، فلما انتصر المسلمون وفتحوا نهاوند، بدأ أبو موسى مسيرته الظافرة الموفقة بالفتوح.
وكان المسلمون يسمون فتح نهاوند: فتح الفتوح، لأنه لم يكن للفرس بعده اجتماع، وملك المسلمون بلادهم.
وهذه المعركة الحاسمة التي حشد لها الفرس خير جيوشهم وأبرز قادتهم، قوبلت من المسلمين بحملة شديدة قادها النعمان بن مقرن من الأمام، فكان في مقدمة المهاجرين على الفرس، وانقضت رايته انقضاض العقاب عليهم فاقتلوا قتالا شديدا لم يسمع السامعون بوقعة كانت أشد منها، فما كان يسمع إلا وقع الحديد. وصبر لهم المسلمون صبرا عظيما، وانهزم الأعاجم وقتل منهم ما بين الزوال والإعتام ما طبق أرض المعركة دما يزلق الناس والدواب.