للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج النووي على كونها أفضل وأنه هو المذهب عند الشافعية بما روي عن عمر رضي الله عنه حين جمع الناس على أبي بن كعب (١).

وقد ناقش ابن قدامة رحمه الله: ما احتج به الطحاوي فقال: حديث أبي ذر: وهو أن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام تلك الليلة، فقال: إن هذا خاص في قيام رمضان وهو مقدم على عموم ما احتجوا به - يعني من حديث زيد بن ثابت - الذي جاء فيه: «إن صلاة النافلة في البيت أفضل إلا المكتوبة (٢)». ثم قال: أما ترك النبي (صلى الله عليه وسلم): صلاته التراويح جماعة فمعلل بكونه (صلى الله عليه وسلم) خشي أن تفرض على أمته، وقد أمن أن يفعل ذلك بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم).

وأما الآثار التي احتجوا بها عن بعض الصحابة والتابعين فيقول ابن قدامة: إن من فضل منهم الصلاة وحده في البيت في النوافل، مرادهم صلاة الليل دون ما يعمها، يعني ما كانوا يعنون صلاة التراويح لأنها تصلى في جماعة (٣).

وقد ذكر النووي: بأن الدليل على كون صلاة النافلة في البيت أفضل ليس على عمومه وأنه مخصوص: لأن كثيرا من النوافل شرعت فيها الجماعة، وذلك كصلاة العيدين، والكسوف، والاستسقاء، وكذلك التراويح مشروع فيها الجماعة في المسجد وأنه الأفضل بخلاف غيرها من النوافل (٤).

والذي يظهر مما سبق أن حجة من يقول: بأن صلاة التراويح الأفضل أن تصلى جماعة في أول الليل، هي الراجحة، وهذه مذهب عمر رضي الله عنه لأنه من المستبعد أن يأمر بذلك ويحث الناس عليه وغيره أفضل


(١) انظر المجموع ٤/ ٣٠.
(٢) صحيح البخاري الأذان (٧٣١)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٨١)، سنن الترمذي الصلاة (٤٥٠)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٥٩٩)، سنن أبو داود الصلاة (١٠٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٨٦)، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٩٣)، سنن الدارمي الصلاة (١٣٦٦).
(٣) انظر: المغني والشرح الكبير ١/ ٨٠٠.
(٤) انظر شرح صحيح مسلم للنووي ٦/ ٤١.