نشر السنة، ونصر مذهب الشافعي في زمنه، ورأيت في ترجمته في كتاب عتيق بخط بعض الثقات أنه كان موصوفا بالزهد، وأنه رأى رب العزة في النوم غير مرة، ووقعت له بمجلد صخم، سماه "الزهد الكبير"، صنفه رحمه اللَّه، وسمعته من بعض مشايخنا، وهو عندي، وهو كتاب يدل على عظمته رحمه اللَّه، ورحم أئمة المسلمين.
والأثر وأهل الفقه والنظر، ولقد رأيت في بعض التواريخ عن الإمام الشافعي رضي اللَّه عنه أنه زار الإمام أبا حنيفة بـ "بغداد"، وقال: فأدركتني صلاة الصبح وأنا عند ضريحه، فصليت الصبح، ولم أجهر بالبسملة، ولاقنت حياء من أبي حنيفة، رحمه اللَّه.
فائدة: قال بعض علماء الشافعية رضي اللَّه عنهم: زاد أبو حنيفة تكبيرة في الصلاة من عنده، لم تثبت في السنة، ولا دل عليها قياس.
قلت: يشير إلى أن مصلي الموتر إذا أراد أن يقنت كبر ورفع يديه، ثم قنت، ومعاذ اللَّه أن الإمام أبا حنيفة يشرع شرعا من عنده، ولا شك أنه إذا فرغ من القراءة، وأراد أن يقنت قبل الركوع، فقد اختلفت الحالتان بين القراءة وبين دعاء القنوت، فيفصل بينهما بتكبيرة، لأنها من جنس الصلاة.
وقد روي عن أبي بن كعب رضي اللَّه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يقنت في الوتر في الثالثة قبل الركوع، رواه النسائي، وخرجه الشيخ في "الإلمام"، فمعلوم أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم فصل بين القراءة ودعاء القنوت، فيحتمل أنه فصل بتكبيرة، وقد رأينا الانتقال في الصلاة من حالة إلى حالة بالتكبير، كالانحطاط من القيام إلى الركوع، ثم من الركوع إلى القيام، ثم من القيام إلى السجود، ثم من الرفع من السجود. واللَّه أعلم.
قال أبو نصر الأقطع بعد أن ذكر قول هذا الشافعي عن أبي حنيفة: وهذا خطأ منه، فإن ذلك مروي عن علي وابن عمر والبراء بن عازب رضي اللَّه عنهم، والقياس يدل عليه أيضًا، فإن التكبير للفصل والانتقال من حال