للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لذلك، ولكن عندي شخص من أصحابي يفعل ذلك، وتكلم معه رحمه اللَّه في الإحسان إلي وعظمني عنده، وجعلني أمة في هذا العمل، فحملني إلى الأمير، وأحسن إلي، وأمدني الأمير بكتب كثيرة، كـ "الأطراف" للمزي و"تهذيب الكمال" له، وغيرهما، وشرعت فيه.

وكان ابتدائي فيه في سنة أربعين، وأمدَّني شيخنا قاضي القضاة رحمه اللَّه بكتاب لطيف، فيه أسماء شيوخ الطحاوي، وقال لي: هذا يكفيك من عندي. فحصل لي النفع العظيم به. ووجدتُ الطحاوي قد شارك مسلما في بعض شيوخه، كيونس بن عبد الأعلى، فوقع لي في كثير من الأحاديث أن الطحاوي يروي الحديث عن يونس بن عبد الأعلى، ويسوقه، ومسلم يرويه بعينه عن يونس بن عبد الأعلى بسند الطحاوي، وواللَّه لم أر في هذا الكتاب شيئا مما ذكره البيهقي عن الطحاوي، وقد اعتنى شيخنا قاضي القضاة علاء الدين، ووضع كتابا عظيما نفيسا على "السنن الكبير" له، وبين فيه أنواعا مما ارتكبها من ذلك النوع، الذي رمى به البيهقى الطحاوي، فيذكر حديثا لمذهبه، وفي سنده ضعيف، فيوثقه، ويذكر حديثا على مذهبنا، وفيه ذلك الرجل بعينه الذي وثَّقه، فيضعَّفه، ويقع هذا في كثير من المواضع، وبين هذين العلمين مقدار ورقتين أو ثلاثة، وهذا كتابه موجود بأيدي الناس، فمن شكَّ في هذا فلينظرْ فيه، وكتاب سيّدنا قاضي القضاة هذا قد أخذته عنه، وهو عندي في مجلدين كبيرين، وهو كتاب عظيم، ولو رآه من قبله من الحفَّاظ لسألوه تقبيل لسانه الذي تفوه بهذا، كما سأل أبو سليمان الدارني أبا داود، صاحب "السنن" أن يخرج إليه لسانه، حتى يقبله، والقصة مشهورة.

ويقول الناس: إن الشافعي له فضل على كل أحد، والبيهقي فضله على الشافعي، فواللَّه ما قال هذا من شم ترجمة الشافعي وعظمته ونشأته في العلوم، ولقد أخرج الشافعي بابا من العلم ما اهتدى إليه الناس من قبله، وهو علم الماسخ والمنسوخ، فعليه مدار الإسلام، مع أن البيهقي إمام حافظ كبير،

<<  <  ج: ص:  >  >>