التربة يوم السبت، واتفق الناس على أن يوم السبت لم يقع فيه خلق، وأن ابتداء الخلق يوم الأحد.
وقد روى مسلم عن أبي سفيان أنه قال للنبي صلى اللَّه عليه وسلم لما أسلم يا رسول اللَّه أعطني ثلاثا: تزوج ابنتي أم حبيبة، وابني معاوية، اجعله كاتبا، وأمرني أن أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، فأعطاه النبي صلى اللَّه عليه وسلم ما سأله، والحديث معروف مشهور.
وفي هَذَا من الْوَهم مَا لا يخفى، فَأم حَبِيبَة تزَوّجهَا رَسُول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي بِـ "الحبَشَةِ"، وَأصْدقهَا النَّجَاسِيّ عَن النَّبِي صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم أَربعمائَة دِينَار، وَحضر، وخطب، وأطعم، والقصة مَشْهُورَة، وَأَبُو سُفْيَان إِنَّمَا أسلم عَام الْفَتْح، وَبَين هِجْرَة "الحبَشَة" وَالْفَتْح عدَّة سِنِين، وَمُعَاوِيَة كَانَ كَاتبا للنَّبِي صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم من قبل، وَأما إمارة أبي سُفْيَان فقد قَالَ الحْفاظ: إنهم لَا يعرفونها.
فيجيبون على سَبِيل التجوّه بأجوبة غير طائلة، فَيَقُولُونَ في إنكاح ابْنَته: اعتقد أَن نِكَاحهَا بِغَيْر إذنه لَا يجوز، وَهُوَ حَدِيث عهد بِكفْر، فَأَرَادَ من النَّبِي صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم تَجْدِيد النِّكَاح، ويذكرون عَن الزبير بن بكّار بأسانيد ضَعِيفَة أَن النَّبِي صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم أمره في بعض الْغَزَوَات، وَهَذَا لَا يعرف، وَمَا حملهمْ على هَذَا كُله إِلَّا بعض التعصّب.
وَقد قَالَ الحْفاظ: إن مُسلما لما وضع كِتَابه "الصَّحِيح" عرضه على أبي زرْعَة الرَّازِىّ، فَأنْكر عَلَيْه، وتغيظ، وَقَالَ: سميته "الصَّحِيح"، فَجعلت سلّما لأهل الْبدع وَغَيرهم، فَإِذَا روى لهُم الْمُخَالف حَدِيثا يَقُولُونَ: هَذَا لَيْسَ في "صَحِيح مُسلم"، فرحم اللَّه أَبَا زرْعَة، فقد نطق بِالصَّوَابِ، فقد وَقع هَذَا.
وَمَا ذكرت ذَلِك كُله إِلَّا أَنَّهُ وَقع بيني وَبَين بعض الْمُخَالفين بحث في مسئلة التورّك، فَذكر لي حَدِيث أبي حميد الْمَذْكُور أَولا، فأجبته بتضعيفه